وقال ﷾: ﴿وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا﴾ [الأنبياء: ٣٧] أي: جعلنا إبراهيم وإسحاق ويعقوب أئمة يؤتم بهم في الخير في طاعة الله في اتباع أمره واجتناب نهيه.
وأطلق لفظ الإمام على العالم الرباني المقتدى به، فكان هذا اللفظ المشتق دالًا على شرف من اتصف به، وعلى كمال صفاته.
ولهذا لا يطلق لفظ الإمام إلا على من كان رأسًا في الأمر خيرًا كان أو شرًا، قال تعالى: ﴿يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ﴾ [الإسراء: ٧١].
ولئن كان المؤذن قوله حسن، فإن الإمام فعله أحسن. والمؤذن تابع للإمام، لا يقيم الصلاة إلا بإذنه، ويضاف إليه، فيقال: مؤذن رسول الله ﷺ، ومؤذن أبي بكر ومؤذن عمر.
حجة من قال: الأذان أفضل:
فضل الأذان يرجع إلى أمرين:
أحدهما: في دلالة ألفاظه. والثاني: في الأحاديث الواردة في فضله.
أما بيان الأول: فلم يكن هذا النداء قائمًا على الدعوة إلى الصلاة فقط، بل اشتمل على الإيمان بالله، وتوحيده، والإيمان برسالة محمد ﷺ.
فكانت كلماتُ الأذان جامعةً لعقيدة الإيمان، فالمؤذن يستفتح أذانه بجملة: الله أكبر، الدالة على إثبات الذات وما تستحقه من صفات الكمال، والتنزيه عن أضدادها. وحذف المفضل منه للإطلاق: أي أن الله أكبر من كل شيء.
وبعد أن أثبت الذات وصفات الكمال لله سبحانه، بقوله: الله أكبر من كل شيء، انتقل إلى الإيمان به بتوحيده، فمن كانت هذه صفته فإنه أهل لتوحيده بالعبادة، ولهذا ثنى المؤذن بقوله: أشهد أن لا إله إلا الله، أي لا معبود بحق إلا الله، وهذه الشهادة عمدة الإيمان والتوحيد المقدمة على كل وظائف الدين.
ثم انتقل إلى شهادة أخرى، وهي متممة للشهادة الأولى، وذلك بقوله: أشهد أن محمدًا رسول الله، وبها ينال الإيمان بنبوة محمد ﷺ وبرسالته، ولا تقبل الشهادة الأولى من دون الشهادة الثانية، إلا أنها تأتي بعد الإيمان بالله وبوحدانيته، وهاتان