يكون ظل كل شيء مثله عدا فيء الزوال، ثم يأخذ بمراقبة الشمس حتى تغرب للمغرب، ثم يرقب غياب الشفق لدخول العشاء، ثم يرقب الفجر حتى يطلع الصبح.
ويناقش من وجهين:
الوجه الأول:
بأن هناك علامات ثابتة لا تتغير، في دخول بعض الأوقات، وهو المغرب حيث يدخل وقته بغروب الشمس، وهي علامة واضحة للجميع، وكذا العشاء حيث يدخل بغياب الشفق، فمثل هذين الوقتين لا يأخذان وقتًا لمراقبتهما.
الوجه الثاني:
لو كان هذا هو الحامل لهم على ترك الأذان لفعلوا ذلك أحيانًا، فإذا كان شغلهم بالشأن العام لم يمنعهم عن الجهاد في سبيل الله، وقد كان النبي ﷺ في مقدمتهم في الجهاد، لم يمنعهم ذلك أحيانًا من الأذان، فلما لم ينقل عن النبي ﷺ أنه أذن ولو مرة واحدة، وكذلك الخلفاء من بعده، دل هذا على أن وظيفة الإمامة أفضل، وقد كان الرسول ﷺ يسافر مع أصحابه فيدخل الوقت، وهم مجتمعون فيأمر النبي ﷺ بلالًا بالأذان، وقد كان بالإمكان أن يفعل ذلك بنفسه، وعلى التنزل فإنه كان بإمكان الخلفاء أن يأمروا مواليهم أن يقوموا عنهم بمراقبة علامات دخول الوقت، حتى إذا دخل الوقت قاموا هم بشعيرة الأذان حرصًا على هذه الفضيلة العظيمة، والله أعلم.
الدليل الثالث:
الإمامة من المقاصد والأذان من الوسائل، وإنما شرف الأذان لشرف المنادى لها، وتستمد الإمامة فضلها من فضل صلاة الجماعة؛ لأن كل فضيلة لصلاة الجماعة فالإمامة سبب فيها؛ لأن الإمامة شرط لانعقادها.
ولفظ الإمامة مشعر بمزيد فضل، فإن الإمامة تعني أنه موضع القدوة لقومه فمن اقتدي به في أعظم أركان الإسلام العملية فحري أن يقتدى به في سائر أمور الدين والدنيا، ولهذا أطلق لفظ الإمام على الأنبياء، قال الله عن إبراهيم: ﴿إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ