للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

اختصاص النهي في المساجد.

اختصاص النهي بأذية الناس في المسجد، فإذا كان المسجد خاليًا فلا يمنع آكل الثوم من دخولها، وكذا لا يمنع من الدخول جماعة كلها قد أكلت الثوم.

• دليل من قال: يكره حضور المجامع مطلقًا:

الدليل الأول:

(ح-٣٠٢١) ما رواه مسلم من طريق إسماعيل بن علية، عن عبد العزيز بن صهيب، قال:

سئل أنس، عن الثوم فقال: قال رسول الله : من أكل من هذه الشجرة فلا يقربنا، ولا يصلي معنا. هذا لفظ مسلم (١).

وجه الاستدلال:

قوله: (فلا يقربنا). قال ابن رجب: «وفي النهي لمن أكلهما عن قربان الناس: دليل على أنه يكره له أن يغشى الناس حتى يذهب ريحها، ولكن حضوره مجامع الناس للصلاة، والذكر، ومجالسته لأهل العلم والدين أشد كراهة من حضوره الأسواق، ومجالسته الفساق» (٢).

• وأجيب:

بأنه قد اختلف فيه على عبد العزيز بن صهيب:

فتارة رواه هكذا بالنهي عن الأمرين معًا: عن قربان الناس، وعن الصلاة مع المسلمين.

وتارة رواه بلفظ: (فلا يقربن مسجدنا) فقط.

وفي لفظ ثالث بالشك: (فلا يقربنَّ، أو لا يصلين معنا)، وهو حديث واحد، إما قال النبي هذا، أو هذا، أو ذاك، وإذا شك الراوي في لفظ حديثه دل على عدم ضبطه، والمتيقن النهي عن دخول المسجد، فيختص الحكم به (٣).


(١) صحيح مسلم (٧٠ - ٥٦٢)، وقد رواه البخاري (٨٥٦).
(٢) فتح الباري لابن رجب (٨/ ١٣).
(٣) الحديث رواه عبد العزيز بن صهيب، عن أنس، واختلف على عبد العزيز:
فرواه، إسماعيل بن علية، عن عبد العزيز، واختلف على إسماعيل:
فرواه زهير بن حرب كما في صحيح مسلم (٧٠ - ٥٦٢)، ومستخرج أبي نعيم (١٢٢٨)،
والنفيلي عبد الله بن محمد بن علي بن نفيل القضاعي -ثقة- كما في مستخرج أبي عوانة (١٣١٠)،
وعلي بن قادم -كوفي ضعيف-، عن شعبة كما في طبقات المحدثين بأصبهان (٤/ ٢٤٥)، وفي ذكر الأقران لأبي الشيخ (٣٨٩)، وتاريخ أصبهان لأبي نعيم (١١٥٦)، ثلاثتهم (زهير، والنفيلي، وشعبة) رووه عن ابن علية به، بلفظ: (من أكل من هذه الشجرة فلا يقربنا، ولا يصلي معنا) بالنهي عن قربانهم، وعن الصلاة معهم بلا شك.
ورواه أحمد كما في المسند (٣/ ١٨٦) عن إسماعيل بلفظ: (من أكل من هذه الشجرة شيئًا فلا يقربن، أو لا يصلين معنا) بالشك، هل نهى عن قربانهم، أو عن الصلاة معهم.
ورواه عبد الوارث عن عبد العزيز بن صهيب به، واختلف على عبد الوارث.
فرواه مسدد، عن عبد الوارث، واختلف عليه:
فرواه البخاري (٥٤٥١)، عن مسدد بلفظ: (من أكل فلا يقربن مسجدنا). بالنهي عن قربان المسجد فقط.
ورواه أبو المثنى معاذ بن المثنى بن معاذ -ثقة- كما في السنن الكبرى للبيهقي (٣/ ١٠٧)، حدثنا مسدد به، بلفظ: (فلا يقربنا، ولا يصلين معنا) بالنهي عن الأمرين معًا.
ورواه أبو معمر: عبد الله بن عمرو بن ميسرة، واختلف عليه:
فرواه البخاري في صحيحه (٨٥٦)، عن أبي معمر، عن عبد الوارث به بلفظ: (من أكل من هذه الشجرة فلا يقربنا أو لا يصلين معنا) بالشك، كرواية ابن علية من رواية أحمد عنه.
ورواه عباس الدوري، وإسماعيل بن زيد الجرجاني كما في مستخرج أبي عوانة (١٢٩٧) وأحمد بن أبي داود المكي -ثقات- كما في شرح معاني الآثار للطحاوي (٤/ ٢٣٧)، ثلاثتهم عن أبي معمر به، بلفظ: (فلا يقربنا، ولا يصلين معنا)، بالنهي عن الأمرين، كلفظ ابن علية من رواية زهير بن حرب والنفيلي عنه.
فظهر لي أن التردد من عبد العزيز بن صهيب، وليس من الرواة عنه، والحديث واحد، إما قال هذا، أو هذا أو ذاك، خاصة أن دلالتها مختلفة، وشك الراوي في لفظ حديثه يدل على عدم ضبطه، والمتيقن هو النهي عن قربان المسجد. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>