للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ولم يبين صاحب هذا القول: ما السبيل إذا تعذرت إزالة الرائحة، هل يشهد الجمعة مع بقاء الرائحة، أو يعذر؛ لعجزه؟

القول الثالث:

يحرم عليه دخول المسجد، ويلزم منه تحريم أكل الثوم يوم الجمعة إذا علم أن رائحته لا تزول وقت الصلاة، وإذا أكله فقد عصى، ولا يشهد الجمعة.

جاء في مواهب الجليل: «وهل يجوز للشخص أكلها يوم الجمعة؟

الذي يفهم من كلام الْأَبِيِّ في شرح مسلم، أنه إذا علم أنها لا تزول من فيه بعد زوال الشمس، أنه لا يجوز أكلها» (١).

وقد عد الشيخ خليل من المالكية أكل الثوم من الأعذار المبيحة للتخلف، فقال في المختصر: «وعذر تركها والجماعة: شِدّّةُ وَحَل … وأكلٌ كثوم». زاد الدردير في الشرح: «وحرم أكله يوم الجمعة على من تلزمه» (٢).

فكونه يعذر في التخلف لا يجعل من أكله مباحًا؛ إذ لو كان أكله مباحًا للزم منه جواز التخلف عن الجمعة؛ لأن لازم الجائز جائز؛ وهذا مخالف للإجماع.

ولأن كل ما يمنع من إتيان الفرض والقيام به، فحرام عمله والتشاغل به، فإذا كان أكل الثوم سيمنع من مشاهدة الجمعة كان حرامًا على الإنسان أكله في ذلك اليوم، والله أعلم.

فالجمعة واجبة على الأعيان، ولا تتم إلا بترك أكل الثوم؛ لهذه الأحاديث، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.


(١) مواهب الجليل (٢/ ١٨٣).
(٢) حاشية الدسوقي (١/ ٣٩٠).
وقال في الفواكه الدواني (٢/ ٣٢٠): «لا يجوز -يعني دخول المسجد لمن أكلها- هو المعتمد كما يفيده كلام خليل، حيث جعل أكل كالثوم أو البصل من الأعذار المبيحة للتخلف عن الجمعة؛ لأنه لو كان دخول المسجد مكروهًا لمن أكلها لما جاز له التخلف؛ لأنه لا يترك واجب لمكروه، وعند ابن ناجي وغيره بمعنى الكراهة».
وانظر: التاج والإكليل (٢/ ٥٥٨)، شرح زروق على متن الرسالة» (٢/ ١٠٦٤)، شرح الزرقاني على مختصر خليل وحاشية البناني» (٢/ ١١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>