للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

[م-١٠٠١] من أكل كراثًا أو ثومًا أو بصلًا غير مطبوخ فلا يدخل المسجد للصلاة، على خلاف بين العلماء في حكم دخوله:

فقيل: يكره كراهة تحريمية، وهو ظاهر مذهب الحنفية، ومال إلى القول بالتحريم ابن رشد الجد، وأبو الوليد الباجي من المالكية، وهو رواية عن أحمد، واختاره ابن حزم، ونسبه القاضي عياض وغيره للظاهرية (١).

قال أبو الوليد الباجي: «وهل يدخلها -يعني المساجد- من أكل الثوم إذا لم يكن فيها أحد؟ قال القاضي أبو الوليد: وعندي أنه لا يجوز ذلك؛ لقوله: فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى به بنو آدم» (٢).


(١) قال الطحاوي في شرح معاني الآثار (٤/ ٢٤٠): «دل ما ذكرنا على إباحة أكلها، مطبوخًا كان أو غير مطبوخ، لمن قعد في بيته، وكراهة حضور المسجد، وريحه موجود، لئلا يؤذي بذلك من يحضره من الملائكة وبني آدم، فبهذا نأخذ، وهو قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد رحمهم الله تعالى».
والظاهر أن الكراهة عند الحنفية تحريمية حسب أصولهم؛ حيث يطلقون الكراهة التحريمية بشرطين: أن يكون النهي صريحًا. وأن يكون الدليل ظنيًا. وأحاديث النهي عن الثوم صريحة في النهي (فلا يقربن مسجدنا)، والحديث في الصحيح. ولهذا صرح ابن عابدين بأن الكراهة تحريمية، كما في حاشيته (٦/ ٤٦١).
وقال صاحب فيض الباري على صحيح البخاري (٢/ ٤٠٧): «ولعل الكراهة فوق التنزيهية».
وانظر: عمدة القارئ (٦/ ١٥٠)، الدر المختار (ص: ٩٠)، حاشية ابن عابدين (١/ ٦٦١)، وتكملة حاشية ابن عابدين (٧/ ١٧)، وفي العقود الدرية في تنقيح الفتاوى الحامدية (٢/ ٣٢٨)، مرقاة المفاتيح (٧/ ٢٧٢٥)، غمز عيون البصائر (٤/ ٥٩)، البيان والتحصيل (١٨/ ٦١)، المقدمات الممهدات (٣/ ٤٥٤)، شرح ابن ناجي على الرسالة (٢/ ٤٦٩)، الإنصاف (٢/ ٣٠٤)، الفروع (٣/ ٦٤).
جاء في تهذيب الفروق (١/ ١٥١): «قال: العلامة الصفتي ما حاصله: إن أكل الثوم والبصل والفجل ونحو ذلك: إن كان في المسجد فحرام، ولو لم يكن به أحد، ولو كان عنده ما يزيل به رائحته. وإن كان خارج المسجد فخلاف الأولى إن كان عنده ما يزيل به رائحته، فإن لم يكن عنده ما يزيل به رائحته: فإن قصد دخول المسجد فحرام، وإلا فقيل: بالكراهة. وقيل: بالجواز. وقيل بالحرمة، وهو الظاهر أفاده الشيخ في حاشية الخرشي والله أعلم».
ولم يتوجه البحث في ذكر الخلاف في حكم أكله خارج المسجد، لهذا لن أتعرض لهذا القول، ولعله يبحث في كتاب الأطعمة بلغنا الله ذلك بمنه وكرمه على زيادة في الطاعة والصحة.
(٢) المنتقى (١/ ٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>