للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وجه الاستدلال:

أن الصائم لا يملك خيار التوفيق بين تناوله لطعامه، وشهوده لصلاة الجماعة؛ لأن السنة في المغرب المبادرة فيها بالصلاة حيث كان النبي يصليها إذا وجبت. فكان على الصائم إما أن يؤجل الطعام لشهود الجماعة، فيأتي إلى الصلاة، وقلبه مشغول بالطعام، ويفوِّت سنة تعجيل الفطر. وإما أن يقدم الطعام، وتفوته الجماعة، فأمره النبي بتقديم الطعام على شهود الجماعة؛ ليحصل على مصلحتين: إحداهما: سنة تعجيل الفطر. والثانية: ليأتي إلى صلاته، وقد أفرغ قلبه من التشويش المفضي إلى عدم الخشوع.

ولا يقاس المفطر على الصائم، ولا سائر الصلوات على المغرب؛ لإمكان المصلي من التوفيق بين تقديم طعامه، وشهود الجماعة.

• ورد هذا:

ذكر العشاء في الحديث مفهوم لقب، لا دلالة له من حيث اللفظ، وكذلك القول في صلاة المغرب؛ لعموم قوله : (لا صلاة بحضرة طعام … ). وقد احتجت عائشة


= الزيادة بأن النبي إنّما قصد بهذا القول الصُوَّام دون من سواهم. اه
ولا يمكن قياس المفطر على الصائم؛ لأن حاجة الصائم إلى الطعام أشد، والأخف لا يقاس على الأغلظ.
نعم ورد ذكر الصيام موقوفًا من فعل ابن عمر، وهو لا يقتضي تخصيصًا.
فقد روى عبد الرزاق في المصنف (٢١٨٩)، ومن طريقه أحمد (٢/ ١٤٨)، وابن المنذر في الأوسط (٤/ ١٤١)،
وحجاج بن محمد كما في مستخرج أبي عوانة (١٢٩٥)،
ومحمد بن بكر كما في صحيح ابن حبان (٨٦٨)، ثلاثتهم رووه عن ابن جريج، أخبرني نافع، أن ابن عمر كان أحيانًا يبعثه، وهو صائم، فيقدم له عشاءه، وقد نودي صلاة المغرب، ثم تقام وهو يسمع، فلا يترك عشاءه، ولا يعجل حتى يقضى عشاءه، ثم يخرج، فيصلي، قال: وقد كان يقول: قال نبي الله : لا تعجلوا عن عشائكم إذا قدم إليكم. هذا لفظ الإمام أحمد.
فالقدر المرفوع فيه عموم؛ لأن قوله: (لا تعجلوا عن عشائكم) عشاء نكرة مضافة فتعم كل عشاء، سواء أكان صاحب العشاء صائمًا أم مفطرًا، وكون ابن عمر أحيانًا يكون صائمًا لا يقتضي تخصيصًا.
وهذا إسناد صحيح، وقد قال يحيى بن سعيد القطان: لم يكن أحد أثبت في نافع من ابن جريج، وهو أثبت من مالك في نافع، وقال مرة: لم يكن ابن جريج عندي بدون مالك في نافع. وذكر الصيام في الأثر موقوف، وذكره لا مفهوم له، والقدر المرفوع (لا تعجلوا عن عشائكم) يشمل الصائم والمفطر. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>