للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

[م-٩٩٨] إذا حضر الطعام، وكانت نفسه تتوق إليه، استحب له تقديم الطعام، ولو فاتته الجماعة، وهو مذهب الحنفية، وبعض المالكية، والمذهب عند الشافعية، والأصح في مذهب الحنابلة، على خلاف بينهم في حكم تقديم الصلاة في مثل هذه الحال:

فقيل: يكره تقديم الصلاة، مع سعة الوقت، فإن ضاق الوقت وجب تقديم الصلاة، وهو مذهب الجمهور في الجملة (١).

وقيل: يقدم الطعام، ولو خرج الوقت، وهو وجه ضعيف للشافعية حكاه المتولي وغيره، بل قال ابن حزم: لو صلى لا تجزئ، وفرض عليه أن يبدأ بالأكل (٢).

وقد روى المروذي أن أحمد احتجم بالعسكر، فما فرغ إلا والنجوم قد بدت، فبدأ بالعشاء قبل الصلاة، فما فرغ دخل حتى وقت العشاء، فتوضأ، وصلى المغرب والعشاء (٣).

فأجاز تأخير الصلاة إلى وقت الثانية لأجل العَشاء.

وقيل: يبدأ بالصلاة إلا أن يخاف على الطعام الفساد لو أخره، وبه قال وكيع (٤).

وقال ابن المنذر، عن مالك: يبدأ بالصلاة، إلا أن يكون طعامًا خفيفًا كشربة السويق (٥).


(١) فتح القدير (١/ ٤١٨)، مراقي الفلاح (ص: ١٣١)، حاشية ابن عابدين (١/ ٦٥٤) تفسير القرطبي (٥/ ٢٠١)، المسالك في شرح موطأ مالك (٧/ ٥٣٦)، الذخيرة للقرافي (٢/ ٣٠)، الأم (١/ ١٨٢)، شرح النووي على صحيح مسلم (٥/ ٤٦)، تحفة المحتاج (٢/ ٢٧٢)، مغني المحتاج (١/ ٤٢٢)، نهاية المحتاج (٢/ ١٥٨)، مسائل أحمد رواية الكوسج (١٣١)، الإنصاف (٢/ ٣٠٠)، الممتع في شرح المقنع (١/ ٤٩٥)، الفروع (٣/ ٦١)، المغني (١/ ٤٥٠).
(٢) المحلى (٢/ ٣٦٦).
وقال النووي في شرح صحيح مسلم (٥/ ٤٦): «وحكى أبو سعد المتولي من أصحابنا وجهًا لبعض أصحابنا أنه لا يصلي بحاله، بل يأكل، ويتوضأ، وإن خرج الوقت».
(٣) وذكر القاضي أبو يعلى في التعليقة الكبيرة (٣/ ١٠٥): أنه يحتمل وجهين:
أحدهما: أنه كان مسافرًا.
قال ابن رجب في فتح الباري (٦/ ١٠٤): «لأن المراد بالعسكر سامراء، وكان قد طلبه المتوكل إليها».
الثاني: أنه خاف على نفسه المرض إن أخّر العَشاء؛ لضعفه بالحجامة.
(٤) جاء في سنن الترمذي (٢/ ١٨٤): «سمعت الجارود يقول: سمعت وكيعًا يقول في هذا الحديث: يبدأ بالعشاء إذا كان طعامًا يخاف فساده».
(٥) الأوسط (٤/ ١٤١)، وما حكاه ابن المنذر عن الإمام مالك لا يعرفه المالكية، ولذلك نقلوه عن ابن المنذر، انظر: شرح البخاري لابن بطال (٢/ ٢٩٤).
بل قال الدسوقي في حاشيته (١/ ٥١٥): «وأما حديث: (الْعِشَاءُ وَالْعَشَاءُ فَابْدَؤوا بِالْعَشَاءِ)، فلم يأخذ به مالك لعمل أهل المدينة على خلافه، وأخذ به الشافعي، وحمل العشاء على ظاهره، من الأكل الكثير. وحمله بعض المالكية على الأكل الخفيف الذي لم يطل كثلاث تمرات أو زبيبات فهو مخالف لما قاله مالك». وانظر: حاشية الصاوي (١/ ٦٩٠).
قول الدسوقي: (لم يأخذ به مالك لعمل أهل المدينة) أليس ابن عمر من فقهاء أهل المدينة.

<<  <  ج: ص:  >  >>