للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

يومئذ، فدعا الله بإمساك المطر عن المدينة» (١).

وأما حديث ابن عباس فكون الإمام مالك لم يأخذ به، فإن كان لم يسمع به، فمن سمع به حجة على من لم يسمع، وقد نص ابن عباس بأن النبي فعله، فهو صريح بالرفع، ولم يكن اجتهادًا من ابن عباس ، بل كان تطبيقًا للسنة.

وإن كان الإمام مالك قد تأوَّله فإن فهم ابن عباس أحب إلينا، وقد ساوى بين المطر والوحل بالعذر في ترك الجمعة والجماعة؛ لقوله: (إني كرهت أن أحرجكم فتمشوا في الطين والدحض)، وهو نص في مورد النزاع.

وأما قولهم: (مشقة الوحل دون مشقة المطر) فهذا لا يوجب فرقًا، ألا ترى أن مشقة المرض أعظم من مشقة السفر، وهما سواء في إباحة الفطر؟! وكذلك مشقة الجبائر أعظم من مشقة الخفين، وهما سواء في جواز المسح؟! (٢).

والخفاف قد يأمن الإنسان فيها من التلوث، ولكن لا يأمن الزلق فيتأذى بنفسه وثيابه، وقد يفسد الوحل الخفاف والصنادل.

• دليل من قال: لا فرق بين الوحل الشديد والخفيف:

الدليل الأول:

(ح-٢٩٨٢) ما رواه الإمام أحمد، قال: حدثنا إسماعيل، أخبرنا خالد، عن أبي قلابة، عن أبي المليح بن أسامة،

عن أبيه، قال: لقد رأيتنا مع رسول الله زمن الحديبية، وأصابتنا سماء لم تبل أسافل نعالنا، فنادى منادي رسول الله : أن صلوا في رحالكم (٣).

[وقوله: (لم تبل أسافل نعالنا) هكذا رواه خالد الحذاء، والمحفوظ ما رواه قتادة، عن أبي المليح: (في يوم مطير)، وهذه صيغة مبالغة، أي كثيرة المطر، وهو المناسب للرخصة] (٤).


(١) فتح الباري لابن رجب (٦/ ٨٩).
(٢) التعليقة الكبرى (٣/ ٩٨، ٩٩).
(٣) مسند أحمد (٥/ ٧٤).
(٤) سبق تخريجه، انظر: (ح-٢٩٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>