بأن الحديث وإن كان في السفر، إلا أن العلة تقتضي جوازه في الحضر.
فالسفر سبب لسقوط الجماعة والجمعة مطلقًا على الصحيح، ولو لم يكن فيه برد أو مطر؛ كما في حديث يزيد بن الأسود:(ما منعكما أن تصليا؟ قالا: صلينا في رحالنا).
ولأن الحديث لما أشار إلى أن العلة في سقوط الجماعة هي البرد والمطر، وكان المطر علة في سقوط الجماعة في الحضر على قول الأئمة الأربعة، دل على أن البرد مثله في الحكم، وأن العلة لسقوط الجماعة حصول البرد والمطر، وليس السفر، فذكر السفر لبيان الواقع، لا مفهوم له،، والحكمة هي المشقة الحاصلة منهما، وهي موجودة في الحضر والسفر، وبهذا أخذ الحنفية والشافعية.
الدليل الثاني:
(ح-٢٩٧٥) ما رواه البخاري من طريق عبد الحميد، صاحب الزيادي، قال: حدثنا عبد الله بن الحارث ابن عم محمد بن سيرين،
قال ابن عباس لمؤذنه في يوم مطير: إذا قلت أشهد أن محمدًا رسول الله، فلا تقل: حي على الصلاة، قل: صلوا في بيوتكم، فكأن الناس استنكروا، قال: فعله من هو خير مني، إن الجمعة عزمة وإني كرهت أن أحرجكم فتمشوا في الطين والدحض، ورواه مسلم (١).
وجه الاستدلال:
دل قوله:(: صلوا في بيوتكم … فعله من هو خير مني) فإذا جاز ترك الجماعة لأجل الوحل، ويمكن أن يتقيه بالنعال دل ذلك على جوازه لأجل البرد؛ فالبرد الشديد قد يضر بالبدن، ويسبب له الأمراض، ما لا يفعله الوحل.
الدليل الثالث:
(ح-٢٩٧٦) ما رواه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني، قال: حدثنا هشام بن عمار، أخبرنا ابن أبي العشرين، حدثنا الأوزاعي، عن يحيى بن سعيد، أن محمد بن إبراهيم بن الحارث حدثه،