للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الحديث على جواز ذلك في الحضر.

• وأجيب:

إذا ثبت سقوط الجماعة بسبب الريح في السفر، فالقياس يقتضيه؛ لأن العلة في سقوط الجماعة الأذى والمشقة، وهي موجودة في الحضر، ولذلك لم يختلف الحكم في المطر بين الحضر والسفر في الجمع بين الصلاتين، فينبغي ألا يختلف الحكم في الريح بين الحضر والسفر، فجواز أحدهما في السفر دليل على جوازه في الحضر، والحكمة الجامعة في المسألتين هي المشقة، والله أعلم.

يقول القاضي أبو يعلى: «إذا سقطت الجماعة للمشقة، جاز الجمع بينهما لهذا المعنى» (١)، فجعل العلة في المسألتين واحدة.

• دليل من قال: الريح الحارة عذر بالليل والنهار:

قال ابن حجر: «لم أر في شيء من الأحاديث الترخص بعذر الريح في النهار صريحًا لكن القياس يقتضى إلحاقه» (٢).

ولأن العلة هي المشقة، وهي موجودة في الريح الحارة.

ولأن الريح الحارة تذهب بالخشوع، وقد قدم الطعام على الجماعة إذا حضر وأقيمت الصلاة، مراعاة لتحصيل الخشوع أو كماله، فمن باب أولى أن تسقط الجماعة بالريح السموم؛ لذهابها بالخشوع؛ لأنه يجتمع بها شدة الحر، مع شدة الريح، والله أعلم.

• الراجح:

أن الريح الشديدة تبيح التخلف عن الجماعة مطلقًا في الحضر والسفر، وهل يشترط أن يكون ذلك في الليل؟ هذا هو مذهب الأئمة الأربعة في الريح الباردة، فإن كان أحد من السلف قال: إن الريح الباردة عذر بالنهار فليس قوله ببعيد؛ لأن ابن عمر قاس الريح على المطر، وهو عذر في السفر والحضر، ليلًا ونهارًا عند الشافعية، وهو الأصح خلافًا للجمهور، فينبغي أن تكون الريح الشديدة بمنزلة المطر، وأما من قصر العذر بالسفر فقوله ضعيف، وكون السفر مظنةً للتخفيف


(١) التعليقة الكبرى (٣/ ٩٠).
(٢) فتح الباري (٢/ ١١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>