للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

كالطائرات والقطارات والسيارات.

ودلالة الاقتران وإن ضعفها بعض الأصوليين فقد صححها جماعة من المحققين، ولا سيما في هذا الموضع الذي دلت فيه قرائن المشاهدة على صحة دلالة الاقتران، وإذا امتن الله على عباده بوجود هذه المراكب، فاعلم أن ركوبها جائز؛ لأن الله لا يمتن بمحرم، وإذا كان جائزًا، ودخل وقت الصلاة فيها فقد دل الكتاب والسنة والإجماع على أن الله لا يكلف الإنسان إلا طاقته؛

لقوله تعالى: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ل﴾ [البقرة: ٢٨٦]، وقوله: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ [التغابن: ١٦].

وقوله : إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم.

فإذا صلى الإنسان فيها فقد فعل طاقته، ولم يؤمر إلا بطاقته.

الدليل الثاني:

قياس الصلاة في الطائرة على الصلاة في السفينة، حيث لا يوجد فرق بين السفينة والطائرة، قال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ﴾.

فدلَّ القرآن بدلالة الإشارة على صحة الصلاة في السفينة، حيث امتنَّ بركوبها: ومعلوم أنه لا يتيسر النزول بالساحل عند كل صلاة، فالصلاة فيها صحيحة قطعًا.

يقول العلامة محمد الأمين الشنقيطي: «وإذا دلَّ الكتاب والسنة والإجماع على صحة الصلاة في سفينة البحر، فاعلم أنها لا يوجد بينها وبين الطائرة فرق له أثر في الحكم؛ لأن كلًّا منهما سفينة محركة ماشية، يصح عليها الإتيان بجميع أركان الصلاة، من قيام، وركوع، وسجود واعتدال وغير ذلك، بل هو في الطائرة أسهل؛ لأنها أخف حركة من السفينة.

وكل منهما تمشي على جرم؛ لأن الهواء جرم بإجماع المحققين من نظار المسلمين والفلاسفة، وتتحقق صحة ذلك إذا نفخت قربة -مثلًا- فإن الرائي يظنها مملوءة من الماء، ولو كان الهواء غير جرم لما ملأ الفراغ بملء الأوعية المنفوخة، وبين الهواء والماء مناسبة كثيرة، حتى إن أحدهما ينتقل من عنصره إلى عنصر الآخر؛ ألا ترى الماء إذا بلغ مائة درجة من درجات الحرارة تبخر فصار هواءً،

<<  <  ج: ص:  >  >>