تعقد من أجل مصلحة الإمام، بل نُصِّب الإمام من أجل مصلحتهم من اجتماعهم، وتأليف قلوبهم، وتعارفهم، واجتماع كلمتهم، ومواساة فقيرهم، وتفقد مريضهم، وتعليم جاهلهم، فتعدد الجماعة في المسجد مضر بهذا المقصد حيث يفرق المصلين، وكل ما يضر بهذا المقصد فهو أدعى لكراهته ومنعه.
وهذه العلة متحققة في صلاة المتخلف فرادى، وهي ليست ممنوعة.
ذكروا في سبب نزول الآية: أن رجالًا من المنافقين ينتمون إلى حي من الأنصار يقال لهم بنو غنم بن عوف بنوا مسجدًا ضرارًا بمسجد قُباء وتفريقًا بين المؤمنين لئلا يصلِّي في قباء جميع المؤمنين، فأرادوا تفريق وحدتهم، وهذا يدل على أن المقصد الأكثر، والغرض الأظهر من وضع الجماعة تأليف القلوب، وتوحيد الكلمة على الطاعة، حتى يقع الأنس بالمخالطة؛ وتصفو قلوب العباد من وضر الأحقاد (١).
• ويناقش:
القياس على مسجد الضرار مختلف من وجهين:
الوجه الأول: أن مسجد الضرار تفريق بين المؤمنين في المكان بخلاف إعادة الجماعة فمكانهم واحد.
الوجه الثاني: أن هذا التفريق سيقسم الجماعة على جماعتين بشكل دائم، وليس لأمر عارض، فأين صلاة رجلين أو ثلاثة تخلفا عن صلاة الجماعة لظرف طارئ، فصليا في زاوية من زوايا المسجد، ولم يتخذ عادة، أين هذا من مسجد
(١) تفسير الطبري، ط هجر (١١/ ٦٧٩)، أحكام القرآن لابن العربي (٢/ ٥٨١، ٥٨٢).