للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وهذا على افتراض أن تكون حكاية الإجماع ثابتة عن عبد الله بن شقيق، فإن هذا هو معناه، وهذا يُسلَّم من حيث الاحتجاج بكفر تارك الصلاة، فإن الصحابي إذا كفر تارك الصلاة، وقال هذا بمجمع من الصحابة، ولم ينكر، ولم يُنْقَلْ خلافٌ فإنه حجة، ولكن من حيث دلالته على الإجماع القطعي فغير مسلَّم، وإنما يطلق عليه في الأصول الإجماع السكوتي، وهو إجماع ظني، وفي الاحتجاج به نزاع، والأصح أنه حجة، ولكن من خالفه لا يكون بمنزلة من خالف الإجماع القطعي، فإن مخالفة الإجماع القطعي يزري بالعالم، كيف إذا كان هذا العالم من أئمة هذا الدين، كالزهري، ومالك، والشافعي، وأبي حنيفة، ومكحول، ورواية عن أحمد، وغيرهم؟ أيكون للصحابة إجماع، ثم يخفى على علم هؤلاء؟

ولسنا نعصمهم من الخطأ، ولكن نستبعد عليهم مجتمعين أن يكون ثَمَّ إجماع للصحابة في هذه المسألة، ثم لا يبلغ هؤلاء.

ولهذا كانت عبارة المروزي أدق من حكاية ابن شقيق وأفقه.

قال المروزي بعد أن ذكر الأحاديث الدالة على كفر تارك الصلاة، وآثار الصحابة، قال: «ذكرنا الأخبار المروية عن النبي -في إكفار تاركها، وإخراجه إياه من الملة … ثم جاءنا عن الصحابة مثل ذلك، ولم يجئنا عن أحد منهم خلاف ذلك، ثم اختلف أهل العلم بعد ذلك … » (١).

هذا النص عن المروزي في غاية الإتقان، وصياغة فقهية محكمة، انتقل فيها من النصوص المرفوعة إلى آثار الصحابة، إلى دلالة هذه الآثار، إلى وقوع الخلاف بعد الصحابة ، والنصوص المرفوعة وآثار الصحابة كافية في الاحتجاج، ولسنا بحاجة إلى حكاية إجماع قطعي في المسألة، والخلاف من لدن التابعين إلى يومنا هذا، وهو يحكى.

الوجه الرابع:

اعترض بعض المعاصرين بأن ابن شقيق قد روى عن جمع قليل من الصحابة،


(١) تعظيم قدر الصلاة (٢/ ٩٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>