للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وتخصيص الصلاة دون سائر الواجبات الشرعية يبطل التأويل بأن المقصود به الكفر الأصغر الموجب للفسق.

* ونوقش هذا الدليل من أكثر من وجه:

الوجه الأول: أن إسماعيل بن علية، وهو أثبت الناس في الجريري، وأرواهم عنه، رواه بلفظ: ما علمنا شيئًا من الأعمال قيل تركه كفر إلا الصلاة.

فهذا هو الأقرب أن يكون محفوظًا من لفظه، ولم ينسبه للصحابة، وإنما نسبه لعلمه، وكونه قيل: إن ترك الصلاة كفر لا ينازع في ذلك أحد.

الوجه الثاني: أن الإمام أحمد ، وهو من أعلم الأئمة بالآثار، وأكثرهم عناية بها خاصة آثار الصحابة والتابعين، وهو ممن نقل عنه كفر تارك الصلاة في إحدى الروايتين عنه لم يحتج ولو مرة واحدة على كفره بالإجماع، ولو كان إجماع الصحابة محفوظًا لما غاب مثل هذا عن علم الإمام أحمد، وعن الاحتجاج به للمسألة، وأن الإمام مالكًا والزهري والشافعي ومكحولًا، أعلم وأفقه بالسنن والآثار من عبد الله بن شقيق، وإن كان عبد الله بن شقيق متقدمًا عليهم، فلو كان هناك إجماع قطعي لما غاب مثل ذلك عن هؤلاء الأئمة، ولما ساغ لهم خلافه.

الوجه الثالث:

الآثار الصحيحة عن بعض الصحابة في كفر تارك الصلاة رويت عن ابن مسعود، وعمر ، ولا يعلم لهما مخالف من الصحابة، فقد يكون عبد الله بن شقيق حين رأى عدم وجود مخالف لهما من الصحابة حكاه إجماعًا عنهم.


= أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (٣٠٤٤٦) عنه به، بلفظ: ما كانوا يقولون لعمل تَرَكَه رجل كفر غير الصلاة، فقد كانوا يقولون تركها كفر.
والظاهر أنه يقصد بقوله الصحابة، لأن التابعي لا يحتج بقول تابعي مثله، وهذا اللفظ ليس صريحًا بالإجماع، كما هو لفظ بشر بن المفضل، وإنما عبر بقوله: (كانوا يقولون … ) ويكفي أن يؤثر ذلك عن بعضهم دون مخالف ليقول: كانوا يقولون ذلك، خاصة أن المنقول عن الصحابة في تكفير الصلاة ثلاثة أو أربعة، وبعضهم ليس صريحًا في ذلك.
قال العجلي في الثقات (١/ ١٨١): «وعبد الأعلى من أصحهم سماعًا، سمع منه قبل أن يختلط بثماني سنين».

<<  <  ج: ص:  >  >>