للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

على هذا الإدراك اللغوي إدراكًا شرعيًّا بحيث نقول: من أدرك مقدار تكبيرة الإحرام مع الإمام قبل أن يسلم فقد أدرك الصلاة، ومن أدركها فقد أدرك فضيلة الجماعة مع معارضة هذا للإجماع، أن من فاته الركوع فقد فاتته الركعة، وهذا يصدق على كل ركعات الصلاة ومن أدرك أقل من ركعة من الصلاة فقد فاتته الصلاة، ويجب عليه أن يصلي أربعًا.

قال ابن تيمية: «قدر التكبيرة لم يعلق به الشارع شيئًا من الأحكام، لا في الوقت، ولا في الجمعة، ولا الجماعة، ولا غيرها، فهو وصف ملغى في نظر الشارع، فلا يجوز اعتباره … والنبي إنما علق الأحكام بإدراك الركعة، فتعليقها بالتكبيرة إلغاء لما اعتبره واعتبار لما ألغاه وكل ذلك فاسد» (١).

فقوله: (فما أدركتم فصلوا) عمومه: أن كل شيء صليناه مع الإمام فقد أدركناه، هذا العموم مخصوص بمفهوم حديث (من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة) فإن مفهومه أن من أدرك أقل من ركعة لم يدرك الصلاة.

وتخصيص العموم بالمفهوم جائز في أحد القولين عند الأصوليين، خاصة إذا كان التخصيص بمفهوم الشرط كما هو في مسألتنا.

وقد احتج الجمهور بتخصيص العموم بمفهوم الصفة وهو أضعف، كما في قوله : (في أربعين شاة شاة) (٢)، فإن منطوقه: وجوب الزكاة في الغنم سائمة كانت أم معلوفة.

وحديث: (وفي صدقة الغنم في سائمتها إذا كانت أربعين إلى عشرين ومائة شاة) (٣)، مفهومه: لا زكاة في المعلوفة، فكان منطوق حديث في أربعين شاة شاة قد خص بمفهوم حديث: (في سائمة الغنم زكاة)، والله أعلم.

الدليل الثاني:

(ح-٢٩١٤) ما رواه البخاري من طريق يحيى، عن أبي سلمة،

عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : إذا أدرك أحدكم سجدة من صلاة


(١) مجموع الفتاوى (٢٣/ ٣٣١).
(٢) جاء من مسند ابن عمر، ومن مسند أنس ومن مسند أبي سعيد، وسيأتي تخريجها إن شاء الله تعالى في أحكام الزكاة بلغنا الله ذلك بمنه وكرمه.
(٣) صحيح البخاري (١٤٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>