للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وعليكم بالسكينة والوقار، ولا تسرعوا، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا (١).

وجه الاستدلال:

قوله: (فما أدركتم) اسم شرط عام فيما أدرك من الصلاة، فمن أدرك جزءًا من الصلاة يسمى مدركًا، وبه يدرك فضل الجماعة.

• ونوقش:

ما هو المقصود من الإدراك في الحديث؟ أهو الإدراك الشرعي أم اللحوق بالشيء: أي الإدراك الحسي؟

إن فسرنا الإدراك بالإدراك الشرعي، وهو الراجح، حيث جعل في مقابل الفوات، (فما أدركتم … وما فاتكم) فإذا فاتك الركوع فقد فاتك بقية الركعة، وإذا فاتتك ركعات الصلاة كلها إلا التشهد فقد فاتتك الصلاة، ومن فاتته الصلاة لم يدرك فضل الجماعة؛ لأنك لم تدرك منها شيئًا، فكل جزء من صلاتك لا تعتد به إذا صليت به مع الإمام فأنت لم تدركه، وبالتالي لا يدخل تحت قوله: (فما أدركتم فصلوا) فالحديث يأمرك بصلاة ما أدركت لا ما فاتك، فدخولك مع الإمام في جزء من الصلاة بعد أن فاتتك ركعات الصلاة كلها لا يعد إدراكًا شرعيًّا، لحديث أبي هريرة في الصحيحين: (من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة).

مفهومه: أن من أدرك أقل من ركعة لم يدرك الصلاة، والإدراك في العبادات حكم شرعي، لا مدخل له في اللغة، وهو اللحوق بالشيء، فإدراك الحج يكون بإدراك عرفة، فمن فاته عرفة لم يدرك الحج، وإن كان قد بقي من الحج أركان كثيرة، وإدراك الصلاة يكون بإدراك ركعة، فمن أدرك من الصلاة أقل من ركعة لم يدرك الصلاة، فكذلك قوله: (فما أدركتم فصلوا … ) هذا الإدراك لا سبيل في تفسيره تفسيرًا لغويًّا، وقد خصه الشارع بتفسير خاص، وهو إدراك ركعة، والله أعلم.

وإن فسرنا الإدراك في قوله: (فما أدركتم فصلوا) باللحوق بالشيء، وليس بالإدراك الشرعي، وقلنا: إنك مأمور بالدخول مع الإمام في أي جزء من الصلاة وما دخلت فيه مع الإمام فقد أدركته ولو كان هذا الجزء من الصلاة بقدر تكبيرة الإحرام، فلا يجوز أن نرتب


(١) صحيح البخاري (٦٣٦)، ومسلم (١٥١ - ٦٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>