بأن هذه الأحاديث أفعال، والفعل المجرد يدل على المشروعية، ولكن لا يدل على الوجوب.
وأما الجواب عن قوله ﷺ لمالك بن الحويرث:(صلوا كما رأيتموني أصلي) فقد أجبت عنه في مسائل كثيرة مرت علينا في الكتاب، وأن هذا الحديث يدل على مشروعية جميع ما رآه مالك بن الحويرث مما كان النبي ﷺ يفعله في صلاته طيلة مقامه عند النبي ﷺ، وأما الوجوب فيؤخذ من أدلة أخرى، ولم يكن النبي ﷺ يقتصر في صلاته على الفروض دون السنن، فالاستدلال بمثل هذا الأمر العام المشتمل على أحوالٍ وهيئاتٍ، وصفاتٍ وأقوالٍ، أحكامها مختلفة، لا يمكن أن يستدل على وجوبها بهذا العموم، إلا لو كان النبي ﷺ قد اقتصر في صلاته على الواجبات دون السنن طيلة بقاء مالك بن الحويرث في زيارته للمدينة، وإذ لا يمكن دعوى ذلك فلا ينهض الحديث دليلًا على وجوب أفعال النبي ﷺ في الصلاة.
• الراجح:
أن الجماعة مشروعة للصلاة المقضية، وليست واجبة، والله أعلم.
والخلاف في الصلاة المقضية أقوى من الخلاف في وجوب الجماعة للصلاة المنذورة باعتبار أن الصلاة المنذورة صلاة واجبة أوجبها العبد على نفسه، فإن كان النذر قد نص على صلاتها جماعة وجبت عليه جماعة، وإلا لم تجب الجماعة لفعلها، والله أعلم.