للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وهناك جماعة في غيره فصلاتها مع الجماعة خارجه أفضل من الانفراد في المسجد» (١).

• دليل من قال: يجب طلب الجماعة إذا أمكنه ذلك بلا مشقة:

إذا كانت الجماعة واجبة، فالواجب لا يسقط إلا بأحد أمرين:

إما أداء يسقط به الطلب، وإما فوات يمتنع معه استدراك الواجب كفوات الجمعة، وأما فوات جماعة مسجده فليس بفوات إذا كان المسجد الآخر من القرب بحيث يسمع نداءه بلا مكبر، فإنه يجب عليه أن يصلي معهم؛ لأنه أمكنه تدارك الواجب مع جماعة أخرى بلا مشقة فوجب عليه ذلك.

ولعموم حديث أبي هريرة: (أتسمع النداء قال: نعم، قال: فأجب) رواه مسلم، فأل في النداء عام، في كل نداء يسمعه.

ولأنه مخير ابتداء بإجابة أي المسجدين شاء ما دام يسمع نداء كل واحد منهما، فإذا فاتته الإجابة من أحد المسجدين بقي مطالبًا بإجابة النداء من المسجد الآخر.

• ونوقش:

هذا التوجيه صحيح إلا أنه مبني على وجوب الإجابة، وقد بحثت مسألة حكم الجماعة للصلوات الخمس، ورجحت أن الجماعة سنة مؤكدة.

وحديث أبي هريرة الذي استدل به على الوجوب سبق تخريجه، وبينت أنه معلٌّ سندًا ومتنًا.

ولأن مثل هذا لو كان واجبًا لثبت ذلك بالسنة، أو نقل فعله عن الصحابة ، فالإمام أحمد حين سئل: من فعله؟ قال: الأسود، فلو كان عنده أثر عن صحابي لاحتج به، وأما الأسود فهو من فقهاء التابعين يحتج له، ولا يحتج به.

ولا أعلم لماذا الإمام أحمد لم يحتج بأثر الحسن، حين قال: «ما رأينا المهاجرين يفعلون ذلك» (٢).

مع سعة علمه بالآثار، وهو أثر صحيح، ومنسوب إلى جماعة الصحابة، والاحتجاج به أولى من الاحتجاج بأثر الأسود بن يزيد، ولعل ما يعتذر به عن الإمام أحمد أن له رواية


(١) انظر: الأشباه والنظائر للسيوطي (ص: ١٤٧).
(٢) المصنف (٥٩٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>