للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

كصفوف الملائكة، وجعلت لنا الأرض كلها مسجدًا … الحديث (١).

وجه الاستدلال من هذه الأحاديث:

قوله : (أيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل) اسم الشرط عام في الرجال.

وقوله : (حيثما أدركتك الصلاة فصل) اسم شرط عام في المكان، فكل رجل أدركته الصلاة فيه في أي مكان -ولو لم يكن مسجدًا- فله أن يصلي.

وقوله: (فصل) جواب الشرط، وقد تضمن الأمر بالصلاة، وأقل ما يفيده الأمر الإباحة، فالأرض كلها تباح الصلاة فيها إلا ما استثني كالمقبرة، والأرض النجسة، وأعطان الإبل.

كما يستفاد من هذه الأحاديث أن الله جعل الأرض كلها مسجدًا من جهة جواز الصلاة عليها، وجعلها طهورًا من جهة جواز التيمم بها، فكل أرض جاز التيمم عليها جازت الصلاة فيها، ولم يخص موضعًا من غيره، ومن أوجب الصلاة في المسجد فقد خصص هذا العام بلا مخصص.

وقد كانت الأمم السابقة لا يصلون إلا في كنائسهم وبيعهم، فامتن الله على هذه الأمة بأن يصلوا حيث أدركتهم الصلاة، وعدَّها النبي من فضائله، وفضائله لا يجوز عليها النسخ، وإيجاب الصلاة جماعة في المسجد إبطال لهذه الفضيلة التي فضل فيها نبينا على سائر الأنبياء، فكيف يقول نبينا لأبي ذر: (حيثما أدركتك الصلاة فصلِّ)، ثم يقال: لا تصلِّ إلا في المسجد، والله أعلم.

الدليل الثاني:

(ح-٢٨٤٨) ما رواه أحمد من طريق أبي عوانة، عن يعلى بن عطاء، عن جابر ابن يزيد بن الأسود،

عن أبيه، قال: حججنا مع رسول الله حجة الوداع، قال: فصلى بنا رسول الله صلاة الصبح أو الفجر، قال: ثم انحرف جالسًا، واستقبل الناسَ بوجهه، فإذا هو برجلين من وراء الناس لم يصليا مع الناس، فقال: ائتوني بهذين الرجلين، قال: فَأُتِيَ بهما ترعد فرائصهما، فقال: ما منعكما أن تصليا مع الناس؟


(١) صحيح مسلم (٤ - ٥٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>