للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= وقال جمع من شراح المتون، منهم البابرتي في العناية (١/ ٣٥٢)، والسغناقي في النهاية (٣/ ١)، والزيلعي في تبيين الحقائق (١/ ١٣٢)، والسمنقاني في خزانة المفتين (ص: ٥٠٢): «السنة المؤكدة تشبه الواجب في القوة». اه
وشبه الشيء ليس عينه، فالواجب يستفاد من الصيغة في كل عبادة جاء الأمر الشرعي بفعلها بدليل ظنيٍّ، والسنة المؤكدة تستفاد من المواظبة على الفعل. قال في غاية البيان نقلًا من البحر الرائق (١/ ٢٢): «مع الترك أحيانًا وإلا كانتا واجبتين».
وتارك السنة المؤكدة يأثم عند الحنفية، إلا أنه أخف من الإثم في ترك الواجب، قال في البحر الرائق (١/ ٢٤): «الإثم لتارك السنة المؤكدة أخف من الإثم لتارك الواجب».
قلت: كما أن الإثم في ترك الواجب أخف عند الحنفية من الإثم لتارك الفرض.
ويطلق الحنفية على السنن المؤكدة سنن الهدى، وتركها يوجب إساءة وكراهية، كالجماعة والأذان، والإقامة، وسنة الفجر، ونحوها.
وحكمها: أنه يثاب على فعلها، وتاركها يستوجب اللوم والكراهية والإساءة، وقيل: يأثم إذا اعتاد الترك، وكل ذلك لا يبلغ حد القول بالوجوب.
والإثم بترك السنة المؤكدة اصطلاح للحنفية ينبغي لطالب العلم ألا يسقط ما يعرفه من مذهبه على مصطلحات مذهب الحنفية، فإذا وجد عندهم التعبير بالإثم على ترك السنة المؤكدة لا يحمله ذلك على تفسير السنة بالواجب.
فالحنفية يقولون: تارك سنن الصلوات المؤكدة -كسنة الظهر، والمغرب، والعشاء، والفجر- يستحق الإثم، ولم يقل أحد من أهل العلم بوجوبها.
والقول بالسنية: هو مقتضى القواعد الأصولية لمذهب الحنفية، فالكتاب قال: ﴿أَقِيمُوا الصَّلَاةَ﴾ [الأنعام: ٧٢] وهذا يقتضي الجواز مطلقًا، فلا تجوز الزيادة عليه بخبر الواحد؛ لأنه نسخ عند الحنفية على ما عرف في أصول الفقه عندهم. انظر: تبيين الحقائق (١/ ١٣٣).
ولهذا لم يتقبل العيني قول بعض أصحابه: إنها تشبه الواجب في القوة، فقال في البناية (٢/ ٣٢٤): «هذه التأويلات غير طائلة؛ لأن هذه مسألة مختلف فيها بين العلماء، وذهب المصنف إلى أنها سنة مؤكدة وهو قول الكرخي والقدوري وكذا قال في (شرح بكر) خواهر زاده.
وفي (المفيد): الجماعة واجبة، وتسميتها سنة؛ لوجوبها بالسنة …
وقيل: إنها فرض كفاية، وبه قال الطحاوي». اه
وعليه فالقول بأنها سنة مؤكدة قول من ثلاثة أقوال في مذهب الحنفية. والسنة المؤكدة عند الحنفية ليست هي الواجب، وسواء قلت: سنة مؤكدة، أو سنة، أو مستحب، أو نافلة، أو فضيلة، أو رغيبة، فإن كل واحد من هذه الاصطلاحات لا يطلق على الواجب، وإن اصطلح بعض =

<<  <  ج: ص:  >  >>