خروج النبي ﷺ من المسجد بعد الإقامة وقبل أن يصلي مع الناس.
• يؤيد هذا الجمع حديث أنس وعائشة وكلاهما في الصحيحين: أن النبي ﷺ سقط من فرسه، فجاء بعض أصحابه يعودونه، فحضرت الصلاة، فصلوا معه، ولم يأمرهم بالصلاة جماعة في المسجد، والعذر لا يتجاوز غير المعذور.
• حديث يزيد بن الأسود وفيه:( … ما منعكما أن تصليا مع الناس؟ قالا: يا رسول الله إنا كنا قد صلينا في الرحال. قال: فلا تفعلا، إذا صلى أحدكم في رحله، ثم أدرك الصلاة مع الإمام، فليصلها معه، فإنها له نافلة). وهذا من أقوى الأدلة على سنية صلاة الجماعة، وفي معناه حديث محجن بن الأدرع.
• اشتمل الحديث على سنة تقريرية بتصحيح فعلهما، وسنة قولية بالإذن لهما في المستقبل بالصلاة في الرحل، وقد وقع في حجة الوداع فيبعد أن يكون منسوخًا.
• حديث:(إذا صلى أحدكم في رحله … إلخ) فيه عمومان: (إذا) اسم الشرط عام في الوقت، وقوله:(أحدكم) عام في الأشخاص، ف (أحد) مفرد مضاف، فيعم، فيشمل الإذنُ الفذَّ كما يشمل الجماعةَ.
• قول النبي ﷺ:(إذا صلى) عام في الوقت، فمن خصص هذا العام بالسفر فعليه الدليل، وحديث محجن في الحضر.
• لم يستفصل النبي ﷺ، أكان رحلهما بعيدًا أم قريبًا، أصلَّيا جماعة أم انفرادًا، وقد اشتهر عن الإمام الشافعي قوله: ترك الاستفصال في حكاية الأحوال مع الاحتمال يتنزل منزلة العموم في المقال.
• قال عتبان بن مالك لرسول الله ﷺ:(صَلَّ يا رسول الله في بيتي مكانًا أتخذه مصلى)، فجاء فصلى حيث يريد، من أجل أن يصلي فيه وقت العذر من مطر أو سيل.
• ظاهر حديث عتبان جواز صلاته في بيته منفردًا؛ فلو كانت الجماعة واجبة لكانت صلاته في بيته منفردًا لا تجوز؛ لأن سقوط أحد الواجبين بالعذر لا يستلزم سقوط الآخر، فإذا سقط عنه الذهاب إلى المسجد؛ بقي عليه واجب الجماعة، فكان يمكنه الصلاة جماعة في البيت، ولو كان واجبًا لبيَّن النبي ﷺ له ذلك.