للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

إلا أن السفر المراد منه حقيقته اللغوية، وهو السفور والظهور ومفارقة العمران، ولم يحمل على الحقيقة الشرعية؛ لأن النصوص وردت بجواز التنفل على الدابة خارج المصر على خلاف القياس، وداخل المصر ليس في معناه؛ فلا يلحق به؛ لأن الحاجة إلى الركوب خارج المصر أغلب.

ولأن الغالب من حال المقيم اللبث والاستقرار، فأنيط الحكم بالغالب.

وعلل بعض الفقهاء بأن النزول وربط الدابة خارج المصر فيه حرج، وليس كذلك داخل المصر.

وهذا التعليل حين كانت الدواب وسيلة النقل، وقد تكون هذه الوسائل لا تزال موجودة في بعض حواضر العالم الإسلامي، وهي وسيلة كثير من الفلاحين في بعض البلدان الإسلامية، وما يجري على الدواب يجري على وسائل النقل المختلفة من سيارة، وطائرة، وقطار، والله أعلم.

• ويناقش:

لم يأت في النصوص لفظ: (خارج المصر)، وإنما ورد فيه لفظ: (السفر)، فلو كان السفر قيدًا معتبرًا لحمل على السفر الشرعي؛ لأن كل ألفاظ السفر في الكتاب والسنة محمولة على الحقيقة الشرعية، ولا تحمل على الحقيقة اللغوية إلا بقرينة، أو أن يتعذر حملها على الحقيقة الشرعية، وهذه ليست منه، وعليه:

إما أن نقول: تجوز سجدة التلاوة على الدابة في الحضر، ويدخل فيه ما كان خارج المصر، إذا لم يبلغ مسافة القصر؛ لأنه شرعًا يشمله اللفظ، فالله عندما قال في كتابه: ﴿ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ [البقرة: ١٩٦]، فدخل فيه ما كان خارج الحرم ممن لم يبلغ مسافة القصر، ويكون لفظ السفر الوارد في بعض الروايات جاء لبيان الواقع، وليس قيدًا للجواز، ولو كان الحضر مستثنى من الجواز لاستثني في النصوص كما استثنيت المكتوبة.

وإما أن نقول: لا يجوز في الحضر، ويدخل في المنع ما كان خارج المصر؛ لأنه لا يزال في حكم الحضر شرعًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>