ولا يعرف هذا من حديث ابن جريج إلا من هذا الطريق، فأين أصحاب ابن جريج لو كان هذا من حديثه؟ والحسن بن محمد بن عبيد الله المكي لا يعرف له رواية عن ابن جريج إلا هذا الحديث. قال الترمذي: هذا حديث غريب من حديث ابن عباس، لا نعرفه إلا من هذا الوجه. والحسن بن محمد المكي: وثقه الخليلي في الإرشاد، جاء فيه (١/ ٣٥٣): «هذا غريب صحيح من حديث ابن جريج … ويتفرد به الحسن بن محمد المكي، عن ابن جريج، وهو ثقة». وإذا لم يكن له من الحديث إلا هذا الحديث الغريب، ولم يتابع عليه في ابن جريج، فكيف يكون ثقة؟ وذكره ابن حبان في الثقات. وصححه ابن خزيمة وابن حبان حيث خرجاه في صحيحيهما، وهو شاهد على أن شرطهما في الصحيح ليس بذاك القوي. وقال الحاكم في المستدرك (١/ ٣٤١): «هذا حديث صحيح رواته مكيِّون، لم يذكر واحد منهم بجرح، وهو من شرط الصحيح، ولم يخرجاه». فاعتبر الحاكم شرط الصحة ألا يجرح الراوي، ولم يشترط التصريح بالعدالة، وهذا خلاف الصواب. وقال النووي في الخلاصة (٢١٤٦): «رواه الترمذي وآخرون بإسناد حسن». وقال العقيلي بعد أن أخرج حديثه في الضعفاء (١/ ٢٤٢): «لا يتابع على حديثه، ولا يعرف إلا به، وليس بمشهور في النقل». اه وهذا أقرب من كلام الخليلي ﵀. وقال الذهبي: غير حجة. وفي التقريب: مقبول، يعني حيث يتابع وإلا فلين، وحيث لم يتابع عليه من مسند ابن عباس، فهو حكم بضعفه. وقال مصنفو تحرير التقريب: «مجهول، تفرَّد بالرواية عنه محمد بن يزيد بن خُنَيس المكي، ولم يوثقه سوى ابن حبان … قال عنه الترمذي: غريب: أي ضعيف». كما أن هذا الحديث لم يروه عن الحسن بن محمد المكي إلا محمد بن يزيد بن خنيس، ومحمد هذا روى عنه أبو حاتم الرازي، وقال عنه ثقة، وقال مرة شيخ صالح. ووثقه العجلي. وذكره ابن حبان في الثقات وقال: كان من خيار الناس، ربما أخطأ يجب أن يعتبر حديثه إذا بيِّن السماع في خبره، ولم يروه عنه إلا ثقة. وقال ابن حجر في التقريب: مقبول. اه بل هو أرفع من ذلك. وأظن الحمل فيه على شيخه، وليس على ابن خنيس، والله أعلم.