للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

• وأجيب:

بأن العذر ليس محصورًا في احتمال النسخ، بل هو فرد من جنس، فكل عذر للمأموم في المتابعة يجعل المتابعة غير مفسدة للصلاة، كما لو كان مسبوقًا بركعة، ولم يعلم أنها خامسة على الصحيح، وكما لو تابعه لاعتقاده أن الإمام قد زاد هذه الركعة لموجب دعاه إلى ذلك، كاحتمال أن يكون نسي قراءة الفاتحة في بعض الركعات، فأراد الخامسة تعويضًا عن الركعة الفاسدة، وقد يتابعه متأولًا، فيتوهم أن ترك متابعته من الاختلاف عليه، وقد قال : (إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه) وإن كان خطأ، لكنه يبقى متأولًا للحديث، فالأعذار ليست محصورة في احتمال النسخ، فكل عذر للمأموم في متابعة إمامه على الزيادة لا يبطل صلاته، والله أعلم.

وقيل: تبطل صلاتهم جميعًا، وهو أحد القولين في مذهب المالكية، وقول في مذهب الحنابلة في مقابل الأصح (١).

جاء في معونة أولي النهى: «والرواية الثانية: تبطل صلاة المأمومين تابعوه أو فارقوه» (٢).

فبطلت صلاة الإمام لزيادته ركعة في صلاته، وصلاة المأموم لارتباط صلاة المأموم بصلاة إمامه.

• وسبب الخلاف اختلافهم في مسألتين:

الأولى: اختلافهم في الجاهل أيلحق بالساهي فيعذر، أم يلحق بالعامد، فلا يعذر.

فقيل: الجاهل كالعامد؛ وليس كالناسي من جهتين:

الجهة الأولى: أن النسيان يهجم على العبد قهرًا، بحيث لا يكون له حيلة في دفعه عنه، بخلاف الجهل فإن له حيلة في دفعه بالتعلم.

الجهة الثانية: أن الأمة قد أجمعت على أن النسيان لا إثم فيه من حيث الجملة، بخلاف الجهل فقد ذكر بعض العلماء أن المكلف لا يجوز له الإقدام


(١) القوانين الفقهية (ص: ٥٣)، التاج والإكليل (٢/ ٣٥٨)، التوضيح لخليل (١/ ٤٠٤).
قال في المبدع (١/ ٤٥٢): وعنه -أي عن الإمام أحمد- تبطل في الكل ومعنى الإبطال أنها تخرج أن تكون فرضا بل يسلم عقب الرابعة، وتكون لهم نفلًا».
(٢) معونة أولي النهى (٢/ ٢١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>