والحقيقة أن مذهب الحنفية، وما انفردوا فيه يوجب المناقشة في أكثر من وقفة، ومنها:
قولهم: السجود في الركعة الزائدة يمنع الرجوع، فإن كان قد قعد القعدة الأخيرة صح فرضه، وإلا بطلت الفريضة على كليهما: الإمام والمأموم.
• هذا لا دليل عليه، لأمور:
الأول: الركعة الزائدة باطلة، لأنه نواها جزءًا من الفريضة، وهي زائدة عليها، فلا تنقلب الركعة إلى نافلة قبل إتمام الفريضة، والخروج منها.
الثاني: الحكم بخروجه من فريضته، وهو لم ينو الخروج، وشروعه في النافلة، وهو لم ينو الشروع من غريب القول، وإنما الأعمال بالنيات.
الثالث: الزعم بأن الركعة صلاة، ولا يمكن رفض الركعة، كان الأولى أن يعكس، فيقال: الركعات التي صلاها بنية الفريضة صلاة أيضًا، لا يمكن رفضها حتى يتمها، ويخرج منها، فإبطال الفريضة رفض بالمعنى.
الرابع: الركعة الزائدة لو نواها نافلة لم تنعقد حتى يعقدها بتحريمة مستقلة، فكيف، وهو يعتقد أنها جزء من فريضته، فقولهم ببناء النافلة على الفريضة بتحريمة واحدة قول ضعيف جدًّا.
وأعتقد أن هذا القول من الحنفية من قبيل الرأي المحض الذي لم يبن على أثر، ولم يكن لهم فيه سلف من أقوال الصحابة حسب علمي القاصر.
ومن أجل ضعف قول الحنفية أخرت ذكر دليلهم حتى لا يشوش ذلك على فهم المسألة عند المتلقي، ولم أشأ ترك القول لضعفه؛ لأنه قول مأثور عن مذهب معتبر عند عامة المسلمين، فلا ينبغي تجاهله، وقد يكون القول عند غيري راجحًا، وأنا أكتب لطلبة العلم، وهم يستطيعون أن يميزوا الصحيح من الضعيف، وضعف القول عند الحنفية، لا يقلل من أهمية مذهب الحنفية، فكل مذهب فيه أقوال ضعيفة، وأقوال قوية، والحق لم يجتمع في مذهب واحد، أو فقيه واحد، والله أعلم.
• الراجح:
أنه لا يجوز للمأموم متابعته؛ إذا علم أن ركعته زائدة، فإن تابعه بطلت صلاته إلا أن يكون متأولًا، والله أعلم.