للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وقال أبو الخطاب من الحنابلة: «يرجع إلى قولهما، ولو تيقن صواب نفسه» (١).

وقال المالكية: لا يرجع، إلا إن كثروا جدًّا حتى بلغوا حد التواتر، بحيث يستحيل تتابعهم على الخطأ، فيترك يقينه لقولهم، وهو وجه في مذهب الشافعية، قال به أبو علي الطبري، وصحح المتولي الرجوع (٢).

• وجه قول الجمهور:

لأن قول غيره يفيد الظن، ويقينه في نفسه أولى بالاتباع من تقليد غيره.

• وتعقب:

بأن ظاهر السهو الذي وقع للنبي أنه ترك اعتقاده لقول الجماعة، فقد أبان عن اعتقاده بقوله: (لم أنس ولم أقصر)، وفي رواية قال جوابًا على قول ذي اليدين: (أقصرت الصلاة يا رسول الله أم نسيت؟ فقال رسول الله : كل ذلك لم يكن) (٣)، ولا يجزم بنفي النسيان إلا إن كان يجزم بصواب نفسه، ومع ذلك حين صدَّق الجماعة على قول ذي اليدين رجع إلى قولهم وترك اعتقاده، إلا أن يقال: إن النبي قال ذلك على سبيل الظن، وليس على سبيل الجزم، ولا سبيل للوقوف على ذلك، والله أعلم.


(١) الإنصاف (٢/ ١٢٦)،.
(٢) قال بهرام في تحبير المختصر (١/ ٣٥٠): «لا يرجع إلى غيره إذا كان على يقين إلَّا أن يكثروا جدًّا، بحيث يفيد خبرهم العلم، فإنه يرجع إلى خبرهم، ويترك اعتقاده».
يقصد بالعلم الضروري: هو ما بلغ حد التواتر مما لا مجال لدفعه، ولا الشك فيه.
وانظر: مختصر خليل (ص: ٣٦)، تحبير المختصر (١/ ٣٥٠)، التاج والإكليل (٢/ ٣١١).
وجاء في البيان للعمراني (٢/ ٣٨٨): «قال أبو علي في (الإفصاح): إن كان خلف الإمام جماعة عظيمة، بحيث يعلم أن تلك الجماعة لا يجوز اجتماعهم على الخطأ رجع إليهم، وإن كانت قليلة عمل الإمام فيما يثبت عنده، ولم يلتفت إليهم». وانظر: المجموع (٤/ ٢٣٩).
(٣) صحيح مسلم (٩٩ - ٥٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>