للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

[م- ٩١٥] علمنا صفة التنبيه في المبحث السابق، ويحسن بعد معرفة الصفة أن نعرف حكم تنبيه المأموم لإمامه، أهو واجب، أم سنة، أم مباح؟

فالحنفية يرون إباحة التسبيح إذا احتيج إليه لإصلاح الصلاة، كتنبيه الإمام لسهوه، أو قصد به الإخبار بأنه في صلاة، فإن قصد به الزجر عن فعل، أو الأمر بفعله فسدت صلاته، وكذلك تفسد لو سبح بالإمام، ولم يكن هناك حاجة، كما لو قام الإمام عن التشهد الأول فبلغ القيام، فسبح به فسدت؛ لأنه لا يجوز له الرجوع، فلم يكن التسبيح مفيدًا، وبه قال أبو حنيفة، ومحمد خلافًا لأبي يوسف (١).

وسبب الخلاف بينهما:

أن ما كان ثناء، أو قرآنا عند أبي يوسف لا يتغير بالنية، وعندهما يتغير (٢).

والقول بإبطال الصلاة بالتسبيح، وهو ذكر مشروع جنسه بالصلاة، قول ضعيف جدًّا، وقد رفع أبو بكر يديه بالحمد حين أشار إليه النبي بالبقاء على إمامته، وكان ذلك لسبب لا يتعلق بأذكار الصلاة، ولا لمصلحتها، وأقره النبي على ذلك (٣).


(١) قال في البحر الرائق (٢/ ٨): «لو سبح، أو هلل، يريد زجرًا عن فعل، أو أمرًا به، فسدت عندهما، وقيد بالجواب؛ لأنه لو أراد به إعلامه أنه في الصلاة، كما إذا استأذن على المصلي إنسان فسبح، وأراد به إعلامه أنه في الصلاة، لم يقطع صلاته، ولو عرض للإمام شيء، فسبح المأموم، لا بأس به؛ لأن المقصود به إصلاح الصلاة، فسقط حكم الكلام عند الحاجة إلى الإصلاح، ولا يسبح للإمام إذا قام إلى الْأُخْرَيَيْنِ؛ لأنه لا يجوز له الرجوع إذا كان إلى القيام أقرب فلم يكن التسبيح مفيدًا، كذا في البدائع، وينبغي فساد الصلاة به؛ لأن القياس فسادها به عند قصد الإعلام، وإنما ترك للحديث الصحيح (من نابه شيء في صلاته فليسبح) فللحاجة لم يعمل بالقياس، فعند عدمها يبقى الأمر على أصل القياس، ثم رأيته في المجتبى قال: ولو قام إلى الثالثة في الظهر قبل أن يقعد، فقال المقتدي: سبحان الله، قيل: لا تفسد، وعن الكرخي تفسد عندهما». وانظر: الأصل للشيباني (١/ ٢٠٥)، الجامع الصغير وشرحه النافع الكبير (ص: ٩٢)، المبسوط (١/ ٢٠٠)، الهداية للمرغيناني (١/ ٦٣)، حاشية ابن عابدين (١/ ٦٢٠، ٦٢١)، المختار شرح تنوير الأبصار (ص: ٨٥)، العناية شرح الهداية (١/ ٤٠١).
(٢) حاشية ابن عابدين (١/ ٦٢٠).
(٣) روى البخاري (٦٨٤)، ومسلم (١٠٢ - ٤٢١)، من طريق مالك، عن أبي حازم بن دينار،
عن سهل بن سعد الساعدي: أن رسول الله ذهب إلى بني عمرو بن عوف؛ ليصلح بينهم، فحانت الصلاة، فجاء المؤذن إلى أبي بكر، فقال: أتصلي للناس فأقيم؟ قال: نعم فصلى
أبو بكر، فجاء رسول الله ، والناس في الصلاة، فتخلص حتى وقف في الصف، فصفق الناس، وكان أبو بكر لا يلتفت في صلاته، فلما أكثر الناس التصفيق التفت، فرأى رسول الله ، فأشار إليه رسول الله : أن امكث مكانك، فرفع أبو بكر يديه، فحمد الله على ما أمره به رسول الله من ذلك، ثم استأخر أبو بكر .... الحديث.

<<  <  ج: ص:  >  >>