للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

[م- ٩٠٥] اختلف الفقهاء في المصلي يشك، فلا يدري أسلَّم من صلاته أم لا؟

القول الأول: مذهب الحنفية:

لم يتعرض الحنفية لحكم من شك في ترك التسليم حسب البحث، والتسليم عندهم من واجبات الصلاة، والحكم عندهم فيمن ترك الواجب سهوًا، إن تيقن تركه جبر ذلك بسجود السهو، وإن شك في تركه، فإن كان قد عَرَضَ له الشك أول مرة استأنف، وإن عرض له أكثر من مرة تحرى، وبنى على غالب ظنه، فإن لم يكن له ظن بنى على اليقين، وسجد للسهو، والله أعلم.

وقد ناقشت موقف الحنفية من الشك في مسألة: الشك في عدد الركعات، فانظره هناك، فقد أغنى ذلك عن إعادته هنا، ولله الحمد.

القول الثاني: مذهب المالكية:

قال المالكية: من شك في التسليم فإن قرب جدًّا، ولم يفارق موضعه، ولم ينحرف عن القبلة، فيأتي بالسلام، ولا سجود، ولا تشهد؛ لأنه لم يحصل منه فعل. وإن انحرف عن القبلة انحرافًا كثيرًا أتى بالسلام، وسجد للسهو، ولا تشهد، لأن الانحراف عن القبلة سهوًا من أسباب سجود السهو. وإن طال طولًا لا يمنع من البناء (أي طولًا متوسطًا)، أو فارق موضعه، ولم يُطِل، بنى بإحرام، وتشهد، وسلم، وسجد للسهو، وإن طال الفصل جدًّا بطلت (١).

هذا ملخص قول المالكية، وهو لا يختلف عن حكمه عندهم فيما لو تيقن ترك السلام، وقد سبق لنا بحث هذه المسألة.


(١) قال سحنون كما في المدونة (١/ ٢٢٤): أرأيت من شك في سلامه، فلم يدر، أسلم أم لم يسلم في آخر صلاته، هل عليه سجدتا السهو؟ قال: لا.
قلت: ولم، والسلام من الصلاة؟ قال: لأنه إن كان قد سلَّم فسلامه لغير شيء، وإن كان لم يسلم فسلامه هذا يجزئه، ولا شيء عليه غير ذلك».
وانظر: شرح الزرقاني على خليل (١/ ٤٢١)، التفريع (١/ ١٠٤)، شرح الخرشي (١/ ٣١٦)، الشرح الكبير (١/ ٢٧٨)، التبصرة للخمي (٢/ ٥١٧)، شرح التلقين (٢/ ٦٢٩)، القوانين الفقهية (ص: ٥٤)، تحبير المختصر (١/ ٣٤٣)، متن الأخضري (ص: ١٧)، جواهر الدرر (٢/ ٢٠٦)، الذخيرة للقرافي (٢/ ٣١٤، ٣١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>