للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قال ابن شاس: «وإن كثرت الزيادة، فكانت في الرباعية مثلها، فالمشهور المعروف من المذهب بطلان الصلاة، وروي القول بصحتها» (١).

وتقدير الزيادة التي تبطل الصلاة تحتاج إلى توقيف؛ فجميع المقادير في الشرع توقيفية، ولا أعلم نصًا في المسألة يفرق بين زيادة وأخرى، فإذا كانت هذه الزيادة سببها السهو، ولم يكن موسوسًا، فيكفيه سجدتان، فرواية مطرف عن الإمام مالك رغم أنها ليست هي الرواية المشهورة في المذهب، إلا أنها هي الراجحة، من حيث القواعد والنظر الفقهي.

قال ابن عبد البر: «وقول من قال: إن من زاد في صلاته مثل نصفها ساهيًا أن صلاته فاسدة، هذا قول لبعض أصحابنا، لا وجه له عند الفقهاء، ولا قال به أحد من أئمة الأمصار، والصحيح في مذهب مالك غير ذلك، وقد صلى رسول الله الظهر خمسًا ساهيًا فسجد لسهوه، وحكم الركعة والركعتين في ذلك سواء في القياس والنظر والمعقول .... ولا أعلم أحدًا من فقهاء الأمصار قال في الساهي في صلاته أن يقطع ويستأنف، وإن كان ذلك قد روي عن بعض الصحابة، وعن جماعة من التابعين؛ وإنما ترك الفقهاء ذلك، والله أعلم، لحديث أبي سعيد الخدري … وحديث ذي اليدين، وحديث ابن مسعود، فيمن صلى خمسًا ساهيًا، وحديث ابن بحينة، ونحو ذلك من الآثار، والله أعلم» (٢).

أفاد هذا الكلام من الحافظ ابن عبد البر أن إبطال الصلاة بتكرار الزيادة من مفردات المالكية، وليس نصًا عن الإمام مالك، وإنما قال به بعض شيوخ المذهب، وهو مخالف لما عليه أئمة الأمصار، ولا دليل عليه من النصوص، ولو كان حكم السهو في الشريعة يختلف إذا تكرر لجاءت النصوص تبين للأمة ذلك، وحيث لا يوجد هذا الفرق في النصوص، فالأصل أن جنس السهو لا يبطل الصلاة، لا فرق فيه بين وقوعه مرة واحدة أو أكثر، والله أعلم.


(١) عقد الجواهر الثمينة (١/ ١٢١).
(٢) انظر: التمهيد، ت بشار (٣/ ٤٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>