للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ورخص قوم من أهل العلم من التابعين منهم الحسن وقتادة إلى جواز رد المصلي السلام كلامًا (١).

قال القرطبي: «الناس على خلافه» (٢)، يعني على خلاف قول الحسن وقتادة.

وقال القاضي عياض: «وبالرد نطقًا قال أبو هريرة، وجابر، والحسن، وسعيد بن المسيب، وقتادة، وإسحاق، ونقله ابن الملقن في شرح البخاري» (٣).

وقيل: يحرم الكلام في الصلاة، وهو مذهب عامة الفقهاء، وحكي إجماعًا.

وفرق الإمام أحمد في رواية بين كلام الإمام إذا ارتاب في صلاته، فسأل كم صلى، فلا تبطل صلاته بنحو ما تكلم به النبي في قصة ذي اليدين، وبين كلام المأموم فإن من تكلم بطلت صلاته، ولا حجة في كلام ذي اليدين لأنه كان يعتقد أن الصلاة قد قصرت، واليوم قد استقرت الشريعة، فلا يشبه حال ذي اليدين (٤).

ويشكل عليه أن ذا اليدين قد تكلم بعد أن تيقن أن الصلاة لم تقصر، بقوله للنبي : بلى قد نسيت، وأَقَرَّه النبي ، ولو كان خطأ لبين النبي له ذلك.

وتكلم الصحابة بعد أن سمعوا من النبي أن الصلاة لم تقصر جوابًا على سؤال النبي حين قال: أحقًا ما يقول ذو اليدين؟ قالوا: نعم، وكان يمكنهم الإجابة بالإشارة المفهمة، كما لو أومؤا برؤوسهم، والإشارة ليست كلامًا.

وعَدَّ بعض المالكية ترك الكلام من فروض الصلاة، وعده ابن الحاجب من


(١) المسالك في شرح موطأ مالك (٣/ ١٨٦)، الاستذكار (٢/ ٣٣٨).
وروى عبد الرزاق في مصنفه (٣٦٠٤) عن معمر، عن الحسن وقتادة، قالا: يرد السلام، وهو في الصلاة.
وهذا سند ضعيف، فمعمر وإن كان ثقة، إلا أن روايته عن الحسن وقتادة فيها كلام، فإن كان مستند ابن العربي في النقل عنهما هو هذا الإسناد، فلا يمكن الجزم بثبوته عنهما، ولو ثبت فهو محمول على رد السلام بالإشارة؛ لأن النصوص صريحة في ترك الرد على من سلم على المصلي. والله أعلم.
(٢) تفسير القرطبي (٥/ ٢٩٩).
(٣) إكمال المعلم بفوائد مسلم (٢/ ٤٦٨)، التوضيح لشرح الجامع الصحيح (٩/ ٢٦٨)، وسبق تخريج الأثر عن أبي هريرة وجابر في المجلد السابق عند الكلام على مبطلات الصلاة.
(٤) مسائل أحمد رواية أبي الفضل (١١٩٣، ١١٩٤)، وانظر: التعليقة للقاضي أبي يعلى (١/ ٢٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>