للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

القيام عن المسبوق لفوات القراءة عنه.

• ويناقش:

الأصح أن الرجوع مكروه؛ ليس لأن القيام غير مقصود لذاته، بل لأنه لم يحفظ في الباب نهي عن الرجوع، وإنما هو مخالف للهدي النبوي الدال على استحباب المضي في الصلاة.

فإن قيل: لا يلزم من ترك السنة الوقوع في المكروه.

فالجواب: هذا يصدق على مطلق الترك، وأما إذا لزم من ترك السنة ارتكاب فعل غير مشروع في العبادة كان ترك السنة مكروهًا.

وعلى التنزل فإن أقلَّ ما يقال في الرجوع: إنه من قبيل خلاف الأولى، وهو درجة من المكروه عند الأصوليين، فهم يقسمون المكروه إلى قسمين:

أحدهما: ما ثبت النهي عنه، لا على سبيل الإلزام، وهذا أعلى درجات الكراهة.

وثانيهما: ما كان مخالفًا لسنة النبي وهديه في عبادته، وهذا يعبر عنه بعض الفقهاء بخلاف الأولى، وهذا منه.

وأما التعليل بأن القيام ليس مقصودًا لذاته، فهذا محل بحث، فلا يمتنع أن يكون القيام ركنًا مقصودًا لذاته، ومقصودًا للقراءة، كالوضوء، فهو مقصود في نفسه، ووسيلة لغيره.

يقول ابن رجب في القواعد: «العاجز عن القراءة يلزمه القيام؛ لأنه وإن كان مقصوده الأعظم القراءة، لكنه أيضًا مقصود في نفسه، وهو عبادة منفردة» (١).

فالقيام تعظيم لله كالركوع والسجود قال تعالى: ﴿وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ﴾ [البقرة: ٢٨٣]، فأمر بالقيام في الصلاة.

وأثنى الله على المؤمنين بقوله سبحانه: ﴿وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا﴾ [الفرقان: ٦٤].

وكان النبي يكره من أصحابه أن يقوموا له إذا رأوه (٢).


(١) القواعد (ص: ١١).
(٢) رواه ابن أبي شيبة في المصنف (٢٥٥٨)، وأحمد (٣/ ١٣٢، ١٥١، ٢٥٠)، والبخاري في الأدب (٩٤٦) والترمذي (٢٧٥٤)، وفي الشمائل (٣٣٥)، وأبو يعلى (٣٧٨٤)، والطحاوي في مشكل
الآثار (١١٢٦) من طرق كثيرة، عن حماد بن سلمة، عن حميد، عن أنس، وسنده صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>