للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الوجه الثاني:

القول بأن التحديد ليس له ضابط، إن كان المقصود أنه لم يأت في الشرع تقديره، فهذا مسلم، ولكنه ليس بشرط، فالسفر لم يأت في الشرع تقديره، وهو يتعلق بركنين من أركان الإسلام القصر والفطر، وقد اختار ابن تيمية تقديره بالعرف مع صعوبة مثل هذا التقدير، فتقدير الفاصل الطويل من القصير لا يختلف فيه أكثر الناس، وليس هذا هو المثال الوحيد الذي ترك الشرع تقديره إلى الناس؛ لإمكان ضبطه عند كثير من الناس، ولا عبرة بالمتشدد، ولا بالمتساهل.

الوجه الثالث:

رد جميع الأقوال لتعدد الأقوال في المسألة ليس منهجًا أصوليًا لا في اختلاف الأقوال، ولا في تعارض الأدلة، فيتبع من الخلاف أقربها للصواب، ومن الأدلة أرجحها، وأكثر مسائل الفقه هي محل خلاف، أكان الخلاف مسوغًا لردها كلها، فهذه الصلاة التي تؤدى جماعة في اليوم خمس مرات قد اختلف العلماء في مسائل كثيرة ليس أقلها قراءة المأموم، والبسملة، والتأمين، والجهر بالتكبيرات، فما بالك بمسائل لا تعرض للمصلي إلا استثناء كالسهو، فالاختلاف فيها سيكون أكثر من غيرها، والله أعلم.

الدليل الثالث:

أن الموالاة بين أفعال الصلاة شرط يسقط بالعذر، كالسهو، والخوف، والعجز كسائر الشروط، فإذا سلم ساهيًا، فإنه يبني متى ما تذكر ذلك ولو طال الفصل.

• ويجاب:

أما الخوف والعجز فهو متعلق بالقدرة، والواجبات كلها يشترط للتكليف بها أن يكون قادرًا على فعلها، فالعجز والخوف من أسباب رفع التكليف أو تخفيفه، بخلاف النسيان والسهو والنوم فلا يرفع التكليف، وإنما يسقط به الأداء حال السهو والنوم، والله أعلم، ولذلك إذا سها عن ركن فإنه يطالب بتداركه إن أمكن، أو الإتيان بركعة.

وأما القول بأن السهو عذر يسقط معه شرط الموالاة، ولو كان طويلًا، فهذه دعوى

<<  <  ج: ص:  >  >>