للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

مسبوق معه فيه، فإذا فصلت حكم السجود عن حكم الصلاة فلماذا تشترط الموالاة بينه وبين الصلاة، ولماذا نشترط بقاء الطهارة، ولماذا يحكم بفواته بالحدث ما دام مستقلًا عن الصلاة فيمكنه إذا أحدث يتطهر، ويعود لسجود السهو، فقول الشافعية بأنه إذا عاد إلى سجود السهو عاد إلى حكم الصلاة أقوى من قول الحنابلة، والسلام الذي فعله لا يتحلل به من الصلاة، وهو قد فعله سهوًا كما لا يتحلل بالسلام من الصلاة لو سلم سهوًا قبل إتمام صلاته، ثم عاد إلى الصلاة مع قرب الفاصل، والله أعلم.

وأما وجه اشتراط الحنابلة أن يكون الفاصل قصيرًا للرجوع للسجود:

فلأن سجود السهو ملحق بالصلاة، وتبع لها، فيعطى حكم أفعال الصلاة وأفعال الصلاة يشترط فيها الموالاة؛ لارتباط بعضها ببعض، لكونها عبادة واحدة لا يجوز تفريقها، فكل ما يشترط الولاء بين أفعاله فالفاصل الطويل يقطعه، لأن ذلك يقطع نظم الصلاة، وإنما اغتفر ذلك بالفاصل القصير؛ للعذر؛ ولأن الاحتراز منه يعسر، فما جاز فيه البناء على أفعال الصلاة جاز معه تدارك سجود السهو، وما امتنع فيه البناء على أفعال الصلاة امتنع إلحاق سجود السهو؛ ولأن السهو مرتبط بالصلاة ارتباط المسبب بالسبب، فالسهو وهو موجب السجود حدث في الصلاة، فلا يفصل المسبب عن سببه، فكل زمن تفوت به الموالاة الواجبة بين أفعال الصلاة فإنه يفوت به سجود السهو، والعكس صحيح، فإذا لم تفت الموالاة، وأمكن البناء على أفعال الصلاة صح تدارك سجود السهو.

وحديث أبي هريرة وعمران جاز فيهما البناء على أفعال الصلاة، واعتبرت كل الأفعال المنافية للصلاة في حكم العدم، فجاز إلحاق سجود السهو؛ لأنه تبع لأفعال الصلاة، فليس في هذين الحديثين دليل على أنه يجوز تدارك سجود السهو ولو امتنع البناء على أفعال الصلاة، وأنه متى ذكر سجود السهو ولو بعد شهر فعليه أن يسجد، هذا لا يستفاد من الحديثين، والله أعلم.

وأما وجه صحة الصلاة وسقوط السجود إذا طال الفصل:

فلأن الواجبات تسقط بالسهو، كما لو قام عن التشهد الأول ناسيًا، لم يرجع إليه، فكذلك إذا نسي سجود السهو حتى طال الفصل سقط السجود وصحت الصلاة،

<<  <  ج: ص:  >  >>