للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

بالقراءة أو بعقد الركوع، ولعل المالكية اعتبروا هذا التقدير خاصًا بمثل هذه المسألة، والسبب أنهم اعتبروا السلام من الصلاة، والشروع في النافلة، والتحريمة لها، وقراءة الفاتحة والفراغ منها، والشروع بما تيسر كل هذه الإضافات، في هذا المحل يجعلها بمنزلة الإعراض عن الصلاة الأولى، فكانت هذه الأفعال حائلاً بينه وبين إصلاح الأولى، والله أعلم.

ونحن في معرض التماس دليل المذهب بعيدًا عن كونه راجحًا أو مرجوحًا، فهذا أمر نسبي، ولم أقف على كلام للمالكية، فكنت أستدل لهم وفقًا لما أعرفه من قواعد المذهب، كما اعتبر المالكية الخروج من المسجد في البناء على أفعال الصلاة مع السلام من الصلاة مانعًا من البناء؛ لأن فيه إعراضًا عن الصلاة، ولم يقدروه بالعرف، والله أعلم.

وأما الدليل على أن الركوع مانع من الرجوع لإصلاح صلاته:

فلأن إدراك الركوع يحصل به إدراك الركعة، وتفوت الركعة بفواته، وإذا لم يدرك ركعة من الصلاة مع الإمام لم يدرك فضل الجماعة ولا الجمعة، ويعتبر في حكم المنفرد في الأولى ويصلي أربعًا في الثانية، وإذا صلى ركعة قبل خروج الوقت فقد أدرك الوقت وكانت صلاته أداء، فكان إدراك الركعة من النافلة دركًا للنافلة ومانعًا من الرجوع لإصلاح صلاته، والله أعلم.

وقيل: إذا سلم من الفريضة فات سجود السهو، سواء قصر الفصل أو طال، وهو قول في مذهب الشافعية، ورواية عن أحمد (١).

• وجه هذا القول:

هذا القول مبني على أن سجود السهو ليس بواجب.

وأن محل السجود قبل السلام، فإذا فات محله سقط السجود، باعتباره سنة فات محلها، ولهذا لو تذكره بعد السلام، وقبل شروعه في النافلة، وأراد ألا يسجد لم يلزمه السجود.

ولأن السلام ركن وقع في محله، فلا يعود إلى سنة شرعت قبله.


(١) بداية المحتاج إلى شرح المنهاج (١/ ٢٩٧).
وقال في الإنصاف (٢/ ١٥٦): «وعنه لا يسجد، سواء قصر الفصل أو طال». وانظر: الفروع (٢/ ٣٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>