من أهل العلم على عدم اعتبار مثل هذا القياس، ولهذا أخطأ بعض العلماء حين قاس المذي على المني لوجود الشبه بينهما، وارتباط كل واحد منهما باللذة، سواء من قال بنجاسة المني أو من قال بطهارة المذي لشبه كل واحد منهما بالآخر.
الوجه الثاني:
لا نسلم أن المقصود بخيار المجلس هو المكان، فالمجلس بكسر اللام: ترد في اللغة مصدرًا ميميًا، واسمًا للزمان، واسما للمكان، من مادة (جلس).
فإن أريد به اسم المكان، صار المراد به موضع الجلوس أي مجلس العقد خاصة، وإن أريد به اسم الزمان وهو الأظهر: فالمراد به الفترة الزمنية التي تعقب عملية التعاقد، فالمراد بمجلس العقد حينئذ: هو الحال التي يكون فيها المتعاقدان مقبلين على التفاوض في العقد، فحقيقة الجلوس ليست مقصودة في هذا الخيار المسمى (بخيار المجلس)، بل المراد بالمجلس ما هو أعم من الجلوس، فقد يحصل اتحاد المجلس مع الوقوف، ومع تغير المكان كما لو انتقلا معًا، فمجلس العقد: هو وحدة زمنية أقرب من كونه وحدة مكانية، وزمنه يبدأ من وقت صدور الإيجاب ولحاق القبول به من المشتري مطابقًا له، وتستمر طوال المدة التي يظل فيها العاقدان منصرفين إلى التعاقد، دون ظهور إعراض من أحدهما عن التعاقد، وتنتهي بتفرق الأبدان، سواء أكانا في مكان التعاقد، أم انتقلا إلى مكان آخر، ومقصد الشارع من مشروعية خيار المجلس ليس احترام مكان الجلوس، وإنما إعطاء حق التروي لكل واحد من المتعاقدين خشية أن يكون هناك اندفاع متسرع لقبول العقد دون تقليب نظر، والله أعلم.
• دليل من قال: يسجد ولو خرج من المسجد إن لم يطل الفاصل:
الدليل الأول:
المسجد ليس شرطًا في صحة الصلاة حتى يكون الخروج منه قاطعًا للبناء، وإذا كان سلامه من الصلاة بنية التحلل لم يمنع من البناء لوقوعه سهوًا فكذلك الخروج من المسجد.
الدليل الثاني:
استدلوا بحديث عمران بن حصين في مسلم، انظر لفظه في أدلة القول التالي.