ولو قيل: إنهم نزَّلوا تكرار الترك ثلاثًا بمنزلة ملازمة الترك للسنن المؤكدة فإن تارك السنن المؤكدة المتكررة آثم عند بعض السلف، كما لو لازم ترك الوتر، أو ركعتي الفجر، فكان ابن القاسم ينزل السجود القبلي عن ثلاث سنن منزلة الفرض، فإذا تعمد ترك ثلاث سنن بطلت صلاته، وسهوًا يوجب السجود.
وقد يقال: التأثيم في ترك ما ليس بواجب قول غير متسق، ولو سُلِّم القول به لا يلزم منه البطلان.
وعلى كل حال فالقول بإبطال العبادة بترك السنة عمدًا لا يعرف إلا للمالكية، وهو محل اختلاف في المذهب، وليس مطردًا مع كل السنن، والله أعلم.
• دليل من قال: تبطل إن كان عن نقص فعل لا قول:
السنن الفعلية جزء من أبعاض الصلاة فهي آكد من السنة القولية، ولهذا كانت أغلب أفعال الصلاة من قيام وركوع وسجود أركانًا، وأما الأقوال فأكثرها محسوب من السنن، وإنما يتفقون على ركنية التحريمة، والقراءة، والباقي سنن على الصحيح.
• ونوقش هذا:
بأن هذا القول ضعيف، فإن بعض السنن الفعلية من السنن الخفيفة التي لا يشرع السجود لتركها على الصحيح، كرفع الأيدي مع تكبيرة الافتتاح ورفعها مع تكبير الركوع والرفع منه، وتمكين اليدين من الركبتين حال الركوع، واستواء الظهر حال الركوع، وتقديم الركبتين عند الهوي للسجود، وبسط الكفين على الفخذين في الجلوس، والإشارة بالإصبع إلى غيرها من الأفعال التي لا يشرع لتركها سجود السهو في أصح قولي العلماء، فلم يثبت في السنة سجود السهو لترك سنة فعلية، بينما صح في السنة سجود السهو لترك سنة قولية على الصحيح كالتشهد الأول، إلا أن يقال: إنه لا يترك التشهد الأول حتى يترك جلسته، وهي من الأفعال، والله أعلم.