السنن، فهو عوض عن فواتها، فمن صحح الصلاة مع ترك سجود السهو اعتبره بحال ما هو عوض عنه؛ لأنه عوض عن متروك ليس بواجب، فإذا كان لو ترك سنة عمدًا لم تبطل صلاته، فكذلك إذا ترك سجود السهو عمدًا، قال المازري: وإلى هذا كان يميل بعض أشياخي المحققين (١).
وقد ذكرت أدلتهم في حكم سجود السهو، فارجع إليها تكرمًا.
وأما كونه يفوت إذا تركه عمدًا:
فهذا بناء على أنهم يرون أن سجود السهو كله قبل السلام، فإذا تركه عمدًا حتى سلم فقد فات السجود لفوات محله، وهذا قول الشافعية.
وبعضهم يخرج الفوات بناء على تعمد الترك، والقضاء خاص بالسهو، والله أعلم.
• دليل من قال: تبطل الصلاة بتركه مطلقًا:
الدليل الأول:
أمر النبي ﷺ بسجود السهو قبل السلام كما في حديث أبي سعيد الخدري، إذا لم يدر كما صلى، وهو في مسلم.
وأمر بالسجود بعد السلام كما في حديث ابن مسعود في تحري الصواب، والأصل في الأمر الوجوب، فلا تبرأ ذمة العبد إلا به، والتفريق بين السجود القبلي والبعدي لا دليل عليه من النصوص، فإذا ترك سجود السهو نسيانًا كان عليه فعله إن قلنا: الموالاة بين سجود السهو وبين الصلاة ليست بشرط، أو إعادة الصلاة مع طول الفصل إن قلنا: الموالاة شرط، وإذا ترك سجود السهو عامدًا بطلت صلاته.
الدليل الثاني:
(ح-٢٥٦٢) ما رواه البخاري من طريق ابن عون، عن ابن سيرين،
عن أبي هريرة، قال: صلى بنا رسول الله ﷺ إحدى صلاتي العشي - قال ابن سيرين: سماها أبو هريرة ولكن نسيت أنا - قال: فصلى بنا ركعتين، ثم سلم، فقام إلى خشبة معروضة في المسجد، فاتكأ عليها كأنه غضبان، ووضع يده اليمنى على
(١) انظر: شرح التلقين (٢/ ٦٠٧)، التوضيح في شرح خليل (١/ ٣٨٧).