للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ذلك صريحًا لم يلزم منه أن يكون ذلك مقصورًا على ما قبل السلام، فتسوية الصفوف جاء النص فيها أنها من تمام الصلاة، وهي من أفعال ما قبل الصلاة، فسجوده بعد السلام لا ينافي ذلك كونه من تمام الصلاة.

الوجه الثاني:

وقوع السجود بعد السلام لا يعني انفكاك السجود عن سببه؛ لأننا نشترط موالاته للصلاة، ولأن كل ما يحرم على المصلي فعله يحرم على من عليه سجود سهو بعد السلام حتى يسجد للسهو ويتحلل منه بالسلام، كتعمد الحدث، والكلام الأجنبي، والانحراف عن القبلة والمشي، والقياس على سجود التلاوة قياس مع الفارق، فالسجود في التلاوة يعقب سببه، بخلاف سجود السهو فهو يتأخر عنه، سواء تأخر إلى ما قبل السلام، أو تأخر إلى ما بعده متصلًا به.

الوجه الثالث:

قال ابن تيمية: «قول من يقول: القياس يقتضي أنه كله قبله، لكن خولف القياس في مواضع للنص فبقي فيما عداه على القياس؛ يحتاج في هذا إلى شيئين:

إلى أن يبين الدليل المقتضي لكونه كله قبله.

ثم إلى بيان أن صورة الاستثناء اختصت بمعنى يوجب الفرق بينها وبين غيرها، وإلا فإذا كان المعنى الموجب للسجود قبل السلام شاملًا للجميع امتنع من الشارع أن يجعل بعض ذلك بعد السلام.

وإن كان قد فرق لمعنى، فلا بد أن يكون المعنى مختصًا بصورة الاستثناء، فإذا لم يعرف الفرق بين ما استثنى، وبين ما استبقى كان تفريقًا بينهما بغير حجة.

وإذا قال: علمت أن الموجب للسجود قبل السلام عام، لكن لما استثنى النص ما استثناه علمت وجود المعنى المعارض فيه.

فيقال له: فما لم يرد فيه نص، جاز أن يكون فيه الموجب لما قبل السلام، وجاز أن يكون فيه الموجب لما بعد السلام، فإنك لا تعلم أن المعنى الذي أوجب كون تلك الصور بعد السلام منتفيًا عن غيرها، ومع كون نوع من السجود بعد السلام يمتنع أن يكون الموجب التام له قبل السلام عامًا، فما بقي معك معنى عام يعتمد

<<  <  ج: ص:  >  >>