للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وقيل: محل السجود كله بعد السلام إلا في موضعين فإنه مخير:

أحدهما: من سها فقام من ركعتين، ولم يجلس، ولم يتشهد.

الثاني: إذا شك في صلاته، فلم يدر في الثنائية، أصلى ركعة أم ركعتين، وفي الثلاثية، أصلى ثلاثًا أم أقل، وفي الرباعية، أصلى أربعًا أم أقل، فهذا يبني على الأقل، فإذا تشهد في آخر صلاته فهو مخير، إن شاء سجد للسهو قبل السلام، وإن شاء سلم، ثم سجد للسهو، وهذا اختيار ابن حزم الظاهري (١).

وقال داود الظاهري: «لا يشرع سجود السهو إلا في المواضع التي سجد فيها النبي فيها فقط» (٢).

وهذا متوقع على أصول الظاهرية.

وفي وجه عند الحنابلة رجحه ابن تيمية قالوا: يجب أن يكون سجود السهو في الزيادة بعد السلام، وفي النقص قبل السلام (٣).


(١) المحلى، (مسألة: ٤٧٣).
(٢) زاد المعاد (١/ ٣٣٧)، فتح الباري (٣/ ٩٤).
(٣) الإنصاف (٢/ ١٥٥)، مجموع الفتاوى (٢٣/ ٣٦)، الفتاوى الكبرى (٥/ ٣٤١)، المبدع (١/ ٤٧٣)، الفروع (٢/ ٣٣١).
قال الزركشي في شرح الخرقي (٢/ ١٩): «قال أبو البركات: الخلاف في محل السجود، وهل هو قبل السلام أو بعده في الاستحباب، أما الجواز فإنه لا خلاف فيه، ذكره القاضي، وأبو الخطاب في خلافيهما، وظاهر كلام أبي محمد وأكثر الأصحاب خلاف هذا».
ولم يسم الزركشي الأصحاب الذين قالوا بالوجوب، وهو مخالف لما نقله المرداوي، قال في الإنصاف (٢/ ١٥٥): «محل الخلاف في سجود السهو: هل هو قبل السلام، أو بعده .... على سبيل الاستحباب والأفضلية، فيجوز السجود بعد السلام إذا كان محله قبل السلام وعكسه، وهذا هو الصحيح من المذهب، وعليه أكثر الأصحاب، وذكره القاضي، وأبو الخطاب وغيره وجزم به المجد وغيره وقدمه في الفروع وغيره. قال القاضي: لا خلاف في جواز الأمرين، وإنما الكلام في الأولى والأفضل وذكره بعض المالكية والشافعية إجماعا، وقيل: محله وجوبا اختاره الشيخ تقي الدين.
وقال: عليه يدل كلام الإمام أحمد، وهو ظاهر كلام صاحب المستوعب، والتلخيص، والمصنف، وغيرهم قال الزركشي: وظاهر كلام أبي محمد، وأكثر الأصحاب: أنه على سبيل الوجوب وقدمه في الرعاية، وأطلقهما في الفائق، وابن تميم». اه
فمنهم الأصحاب، إذا خرج منهم القاضي، وأبو الخطاب، والمجد، وصاحب الفروع، وأطلقهما في الفائق وابن تميم، فمن بقي للزركشي حتى يطلق قوله: وأكثر الأصحاب؟
وإذا حكى الإجماع أبو يعلى وأبو الخطاب والماوردي وابن عبد البر على جواز تقديم السجود وتأخيره، فكلهم متقدمون على ابن قدامة وابن تيمية، ولهذا قال ابن حجر في الفتح (٣/ ٩٥): «ويمكن أن يقال: الإجماع الذي نقله الماوردي وغيره قبل هذه الأراء في المذاهب المذكورة».

<<  <  ج: ص:  >  >>