للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قال ابن رجب: «والقول الثالث: إن كان السهو من نقصان من الصلاة؛ فإن سجوده قبل السلام، وإن كان من زيادة فيها؛ فإن السجود بعد السلام؛ لئلا يجتمع في الصلاة زيادتان، وهو قول مالك، والشافعي في القديم، وأبي ثور، وهو رواية عن أحمد» (١).

ولم يكن ذهاب الإمام مالك إلى هذا القول بناء على أصله في تقديم عمل أهل المدينة على غيرهم، فقد نقل الترمذي في السنن كما سبق أن أكثر فقهاء أهل المدينة يرون السجود للسهو كله قبل السلام، وذكر منهم يحيى بن سعيد الأنصاري، وربيعة، وذكر غيره أنه أيضًا مذهب سعيد بن المسيب، والزهري، وبه قال أبو هريرة في أحد قوليه، وكل هؤلاء مدنيون (٢).

ولا اختار الإمام مالك قوله بناء على تقديم العمل على الآثار، فقد بين أن عمل الناس على السعة والجواز، قال مالك: ما كان الناس يحتاطون في سجود السهو قبل ولا بعد، وكان ذلك عندهم سهلًا (٣).

ولا أعلم له سلف من سنة مرفوعة، ولا آثار عن الصحابة تكشف أن العلة الزيادة والنقص.

وقيل: بالتخيير بينهما، وهو قول في مذهب المالكية، وقول في مذهب الشافعية، رجحه البيهقي (٤).

قال البيهقي: «فالأشبه بالصواب جواز الأمرين جميعًا، وإلى هذا ذهب كثير من أصحابنا» (٥).


(١) فتح الباري لابن رجب (٩/ ٤٤٩).
(٢) الأوسط لابن المنذر (٣/ ٣٠٨)، المجموع (٤/ ١٥٥)، فقه الفقهاء السبعة وأثره في فقه الإمام مالك (١/ ١٦٥)، نظم الفرائد للعلائي (ص: ٤٨٨ - ٥٤٠).
(٣) شرح التلقين (٢/ ٦٠١)، النوادر والزيادات (١/ ٣٦٣).
(٤) التوضيح لخليل (١/ ٣٨٣)، مواهب الجليل (٢/ ١٦)، شرح ابن ناجي على الرسالة (١/ ١٨٣)، روضة الطالبين (١/ ٣١٥)، تحرير الفتاوى (١/ ٣٠٥).
وذكر العز بن عبد السلام في اختصاره لنهاية المطلب (٢/ ٨٦): ثلاثة أقوال في مذهب الشافعية، قال: والثالث: يتخير بينهما.
(٥) الخلافيات للبيهقي (٣/ ١٣٢)، مختصر خلافيات البيهقي (٢/ ١٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>