للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

سجدتين وهو جالس (١).

فلم يذكر موجبًا للسهو غير السجدتين، وقوله: (وهو جالس) جملة حالية متعلقة بقوله: (سجد)، أي أنشأ السجود، وهو جالس، فلا علاقة لها بالجلسة بين السجدتين، ومفهومه: لا يسجد وهو قائم.

وفي حديث ابن مسعود عند البخاري (قيل: يا رسول الله، أقصرت الصلاة أم نسيت؟ قال: وما ذاك؟ قالوا: صليت كذا وكذا، قال: فسجد بهم سجدتين، ثم قال: هاتان السجدتان لمن لا يدري: زاد في صلاته أم نقص … ) (٢).

وروى عبد الرزاق، عن ابن جريج، عن عطاء … قال: قلت: أرأيت إذا سجدت سجدتي السهو أجعل نهضتي قيامًا؟ قال: بل اجلس فهو أحب إلي، وأوفى لها.

[صحيح] (٣).

فعبارة (أحب) تدل على الاستحباب، وليس على اللزوم.

فجعل موجب السهو سجدتين، ولم يذكر الجلوس.

قال الدسوقي في حاشيته: «لو أتى بالنية، وسجد، وترك ما عدا ذلك، من تكبير، وتشهد، وسلام فالظاهر الصحة، كما في خش» (٤). يقصد شرح الخرشي.

وقال في الفواكه الدواني: «فلو ترك الإحرام بمعنى التكبير … واقتصر على فعل السجدتين بنيتهما، لم تبطل صلاته» (٥).


(١) صحيح البخاري (١٢٣٢)، وصحيح مسلم (٨٢ - ٣٨٩).
(٢) صحيح البخاري (٦٦٧١).
(٣) المصنف (٣٥٠٣).
(٤) حاشية الدسوقي (١/ ٢٧٧).
(٥) الفواكه الدواني (١/ ٢١٦).
وقال الصاوي في حاشيته (١/ ٣٨٥): «فواجباته -يعني سجود السهو- خمسة: وهي النية، والسجدة الأولى، والثانية، والجلوس بينهما، والسلام، لكن السلام واجب غير شرط، وأما التكبير والتشهد بعده فسنة».
فقوله: (واجباته) أعم من كونه ركنًا أو واجبًا، لقوله: (والسلام، لكن السلام واجب غير شرط) أي ليس شرطًا لصحة السجود. ولو قال: واجب غير فرض لكان أولى.
فحكم على التكبير والتشهد بأنهما من سنن السجود.
وذكر السلام بأنه واجب، وليس شرطًا لصحة السجود، فيجوز تركه.
قال الخرشي (١/ ٣١٤): «السلام في السجود البعدي واجب غير شرط».
قال الدسوقي في حاشيته (١/ ٢٧٧): «وحينئذ فلا يبطل السجود بتركه -يعني السلام- وأحرى ترك التشهد أو تكبير الهوي، أو الرفع». اه ولا يتصور ترك الرفع؛ لأنه شرط لتمييز السجدة الأولى عن الثانية، لكن لعله قصد بنفي الرفع نفي الجلوس بين السجدتين.
بقى من الخمسة أربعة: أما الثلاث الأول: النية والسجود الأول والثاني، أما النية فقد علمت الخلاف فيها، وأما السجدتان فلا خلاف عليها أنهما من أركان سجود السهو.
والرابع: الجلسة بين السجدتين فكلام الدسوقي والنفراوي أنها ليست من واجبات السجود، أي: أركانه؛ لقول الدسوقي: لو أتى بالنية وسجد … فالظاهر الصحة، وكلام النفرواي بمعناه، ولم يذكرا الجلوس بين السجدتين، خلافًا لما يفهم من كلام الصاوي، حيث لم يستثن من الواجبات الخمسة غير السلام الذي لو ترك لم يكن شرطًا في الصحة، ومفهوم كلامه أن الجلوس شرط لصحة السجود، فليحرر، والله أعلم.
وللمالكية نظم في هذا يقال فيه:
يجب للبعدي الاستقبال ونية شرطًا كما قد قالوا
ويجب الإحرام والسلام من غير شرط قاله الأعلام
والجهر بالسلام والتشهد كلاهما يسن فيما اعتمدوا

<<  <  ج: ص:  >  >>