لا تبطل، فإن النفخ أشبه بالكلام من هذه» (١).
فخلصنا من الخلاف كالتالي:
• إذا بكى بصوت لوجع أو لمصيبة:
فقيل: البكاء لمرض أو مصيبة إن كان غلبة لم يبطل الصلاة مطلقًا، بان منه حرفان أم لا، وإن كان يمكنه دفعه وظهر منه حرفان بطلت صلاته، وهذا مذهب أبي حنيفة ومحمد بن الحسن والمعتمد عند الحنابلة.
وقال أبو يوسف: يشترط في الحرفين أن يكونا أصليين.
وقيل: إن كان غلبة، أونسيانًا أو جهلًا، فإن كان يسيرًا لم يبطل قولًا واحدًا، وإن كان كثيرًا، وظهر منه حرفان بطلت صلاته وهذا هو الأصح في مذهب الشافعية.
وقال المالكية: إن بكى لوجع أو لمصيبة فهو بمنزلة الكلام، عمده يبطل، وسهوه لا يبطل إلا أن يكثر، وظاهره ولو لم يظهر منه حرفان.
وقيل: إن وقع غلبة أو جهلًا أو نسيانًا لم يبطل الصلاة مطلقًا، ولو كان كثيرًا، وهو وجه في مقابل الأصح في مذهب الشافعية.
هذا ملخص الخلاف إذا وقع البكاء لوجع أو مصيبة.
• دليل من قال: البكاء غلبة لوجع لا يبطل الصلاة مطلقًا ولو ظهر منه حرفان:
البكاء إذا غلب صاحبه لوجع أو مصيبة لا يفسد الصلاة؛ لكونه غير داخل في وسعه، وقد قال تعالى: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ [البقرة: ٢٨٦].
ولأن الوجع إذا غلبه حتى بكى يكون في حكم المكره؛ لأنه لا يفعله عن اختيار، والمكره لا أثر لفعله، والله أعلم.
• دليل من قال: البكاء لمصيبة إذا أمكن دفعه أفسد الصلاة إن ظهر منه حرفان:
البكاء لمصيبة أو وجع إذا أمكن دفعه وظهر منه حرفان بطلت صلاته؛ لأنه بكاء لا يتعلق بالصلاة حتى يعفى عنه، كالبكاء بسبب الخشوع، فكان من جنس الكلام الأجنبي في الصلاة إن ظهر منه حرفان بطلت صلاته، وإلا فلا.
ولأن البكاء له حكم المعنى الذي دل عليه، فإن كان من ذكر الجنة والنار صار
(١) مجموع الفتاوى (٢٢/ ٦٢١).