تعمد الكلام في الصلاة يبطلها، وقد دلت النصوص على تحريم الكلام، والكلام صوت مشتمل على حرف أقله اثنان، ولا يشترط الإفادة، فإذا لم يبن منه حرفان فلا يُبْطِل الصلاة، ولو تعمده، فكان الكلام جنس والبكاء نوع منه، فإذا تعمده، واشتمل على حرفين كان بمنزلة من تكلم في صلاته متعمدًا.
• ويناقش:
القول بأنه إذا اشتمل على حرفين اعتبر كلامًا، والكلام ممنوع في الصلاة، فهذا ليس سديدًا؛ لأن المنهي عنه في الصلاة هو كلام الناس كما في حديث معاوية بن الحكم:(إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس)، والبكاء ليس من كلام الناس، ولا يطلق على البكاء كلامًا لا في اللغة، ولا في الشرع، ولا في العرف.
• دليل من قال: يبطل تعمده مطلقًا:
إذا بكى متعمدًا بطلت صلاته؛ لأنه تعمد رفع صوته بما لا يشرع مثله في الصلاة اختيارًا، سواء أبان منه حرفان أم لا، فالمصلي رفع صوته في صلاته بما ليس قرآنًا، ولا ذكرًا، ولا أثرًا عن خشوع مطلوب، فيقال: ما ترتب على المأذون فغير مضمون. ولا غلبة ليس في وسعه دفعه حتى يدخل في الخلاف في اعتبار مثل ذلك عذرًا، فلهذا بطلت صلاته، ولا لوجع أو مصيبة فيكون رفع صوته بمثل ذلك عبثًا.
• الراجح:
إذا تعمد الرجل البكاء، ولم يكن من خشوع أو من وجع أو مصيبة كان ذلك من تصنع البكاء وهو مضر بالصلاة؛ لأن المطلوب هو الخشوع في الصلاة، وليس التخشع، وإذا كان ذلك على مسمع من الناس دخل ذلك على صاحبه ما دخله من إظهار الخشوع، والحال خلاف ذلك.
وإن كان المقصود بالعمد: هو البكاء خشوعًا بما يمكنه دفعه، فلم يدفعه فهذا ليس بشرط فإذا كان البكاء أثرًا للخشوع، لم يفسد البكاء صلاته، ولو أمكنه دفعه، وسوف يأتي ذكر الخلاف فيه، وبيان الراجح إن شاء الله تعالى.