للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

• دليل من قال: الضحك ينقض الصلاة إن ظهر منه حرفان:

القهقهة مجرد صوت، فإذا انتظم منه حرفان أصبح كلامًا، فالكلام في اللغة ما تركب من حرفين، وإن كان مهملًا لا فائدة فيه، واشتراط الإفادة اصطلاح للنحويين، والكلام يبطل الصلاة، فكذلك القهقهة.

• ويناقش:

بأن قياس القهقهة على الكلام من باب قياس الأغلظ على الأخف، وقد ناقشت في إبطال الصلاة بالكلام أن يظهر منه حرفان، وبينت ضعفه، ولو سلم ذلك في الكلام فلا يسلم ذلك في القهقهة؛ لكون القهقهة فيها من التلاعب والاستخفاف ما ينافي مقصود الصلاة، فلا يشترط فيها ما يشترط في الكلام، والله أعلم.

• دليل من قال: الضحك إذا وقع سهوًا لا يبطل الصلاة:

الضحك معدود في المنهيات، والمنهيات تسقط بالنسيان، ولهذا خلع النبي نعليه بعد ما مضى جزء من صلاته وبنى على ما صلى؛ كما في حديث أبي سعيد الخدري (١)، بخلاف المأمورات فإنه حين رأى رجلًا في قدمه لمعة لم يصبها الماء، قال: ارجع فأحسن وضوءك (٢).

وقال للمسيء صلاته كما في حديث أبي هريرة المتفق عليه: ارجع فَصَلِّ فإنك لم تُصَلِّ.

والفرق بين المأمورات والمنهيات من حيث المعنى:

أن المقصود من المأمورات إقامة مصالحها، وذلك لا يحصل إلا بفعلها، والمنهيات مزجور عنها بسبب مفاسدها، امتحانًا للمكلف بالانكفاف عنها، وذلك إنما يكون بالتعمد لارتكابها، ومع النسيان والجهل لم يقصد المكلف ارتكاب المنهي، فعذر بالجهل فيها.

ذلك أن فعل الناسي والجاهل يجعل وجوده كعدمه؛ لأنه معفو عنه، فإذا كان


(١) سبق تخريجه في كتابي موسوعة أحكام الطهارة، الطبعة الثالثة المجلد السابع، (ح ١٤٩٩).
(٢) مسلم (٢٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>