للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فوقع في قلبي ما الله أعلم به، فقلت في نفسي: لعل رسول الله وجد علي أني أبطأت عليه، ثم سلمت عليه فلم يرد علي، فوقع في قلبي أشد من المرة الأولى، ثم سلمت عليه فرد علي، فقال: إنما منعني أن أرد عليك أني كنت أصلي، وكان على راحلته متوجهًا إلى غير القبلة (١).

ورواه مسلم من طريق حماد بن زيد، عن كثير به، بنحوه، وفيه: فرجعت وهو يصلي على راحلته (٢).

وجه الاستدلال:

قوله : (إنما منعني أن أرد عليك أني كنت أصلي) فهذا بعمومه يتناول ترك الرد مطلقًا، سواء أكان بإشارة أم بغيرها.

وفي رواية حماد: (فرجعت، وهو يصلي على راحلته) فيه رد على من قال: يرد بالإشارة في النفل دون الفرض.

• ونوقش:

إن حملنا الحديث على ظاهره، وأن المراد بالنفي (فلم يرد علينا) مطلق الرد، كان دليلًا على جواز ترك الرد، وأنه ليس بواجب؛ بدليل الأحاديث الأخرى التي حفظ فيها أن النبي كان يرد بالإشارة، خاصة أن السلام على المصلي ليس سنة، غايته أن يكون مباحًا، فالرد مثله.

قال ابن عبد البر: «أجمع العلماء على أنه ليس بواجب، ولا سنة أن يسلم على المصلي» (٣).

وإن حملنا قوله: (فلم يرد علينا) على الرد المعهود الذي كان قد عهده الصحابة قبل نسخ الكلام وهو الرد باللفظ، كان فيه جمع بينه وبين الأحاديث التي حفظت لنا أن النبي كان يرد بالإشارة، وهو أظهر كما سيأتي بيانه في الأدلة من رد النبي بالإشارة.


(١) صحيح البخاري (١٢١٧)، وصحيح مسلم (٥٤٠).
(٢) صحيح مسلم (٣٨ - ٥٤٠).
(٣) الاستذكار (٢/ ٣٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>