الكلام قد يتكون من حرف واحد، كالأمر من وعى (عِ)، والأمر من وقى (قِ).
• ورد:
بأن الأمر (عِ) مكون من حرفين، والكسرة في الحرف (عِ) دليل على الياء المحذوفة، فهو فعل أمر مبني على حذف حرف العلة، فالحذف علامة بناء، وما حذف لصناعة نحوية فهو موجود حكمًا، كما أن الأمر (عِ) لم يُفْهِم إلا لكونه جملة مكونة من فعل، وفاعل، ولا يتصور وجود فعل من غير فاعل، إلا أنه مستتر وجوبًا تقديره (أنت).
الوجه الثاني:
لا يلزم من كون الكلام يتكون من حرفين أن يكون كل حرفين كلامًا، وإذا لم يكن كلامًا فالإبطال به لا يكون بالنص، بل بالقياس، فليراع شرطه في مساواة الفرع للأصل، وهذا غير موجود (١)، بل إن القياس يدل على جواز النفخ فالشارع أذن بالبصق في الصلاة مطلقًا، ولم يقيد الإباحة بأن يكون خاليًا من الحرف، والغالب على من بصق أن يخرج منه حرفان (تف)، ومع ذلك لم تبطل به الصلاة، فلم يعتبر كلامًا، ولم يجر فيه القياس على الكلام، فكذلك النفخ، ولذلك ترجم البخاري لحديث البصق في الصلاة، فقال: باب ما يجوز من البصاق والنفخ في الصلاة، فسوى بين البصاق والنفخ بجامع أنه ربما ظهر من كل منهما حرفان، واستدل بجواز أحدهما على جواز الآخر، والله أعلم.
• الراجح:
أن النفخ لا يبطل الصلاة، إلا أن فعله من غير حاجة خلاف الأولى؛ لأنه ليس من جنس أعمال الصلاة، والله أعلم.