عن سهل بن سعد الساعدي: أن رسول الله ﷺ ذهب إلى بني عمرو بن عوف ليصلح بينهم .... وفيه: من رابه -وفي رواية: من نابه- شيء في صلاته، فليسبح فإنه إذا سبح التفت إليه، وإنما التصفيق للنساء (١).
وجه الاستدلال بهذه الأحاديث:
تنوعت هذه الأدلة في دلالتها على حكم الكلام في الصلاة.
فمنها ما استخدم فيها صيغة الأمر والنهي فأمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام.
ومنها ما نصت على أن الكلام لا يصلح في الصلاة.
ومنها ما ذكرت البديل للكلام إذا احتاج المصلي إلى تنبيه إمامه، وأرشدته إلى التسبيح.
وعموم هذه الأحاديث لا تفرق بين ما قصد بالكلام إصلاح الصلاة وبين غيره، ولا بين العالم بالتحريم والجاهل به، ولا بين الساهي والعامد.
والعام جار على عمومه. فقوله:(لا يصلح فيها شيء من كلام الناس) شيء نكرة في سياق النفي، فتعم كل كلام أجنبي، فاستثناء بعض الكلام دون بعض مخالف؛ لدلالة العموم.
وقد أفادت هذه الأحاديث حكمان:
الأول: تحريم الكلام في الصلاة؛ للنهي عن الكلام والأمر بالسكوت، وهذا من حيث الحكم التكليفي حتى سقط عن المصلي رد السلام الواجب.
الحكم الثاني: دل حديث معاوية بن الحكم على أن الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، فقوله:(لا يصلح) الصلاح خلاف الفساد، وكلاهما من أحكام الوضع، والحكم الوضعي لا يعذر فيه بالجهل، فلا فرق فيه بين العالم والجاهل، فمن صلى قبل الوقت لم تصح صلاته مطلقًا، ولا يعذر بجهله، فالكلام الأجنبي لا يصلح في الصلاة، فإذا وجد فيها أفسدها من حيث هو كلام غير مشروع في الصلاة، وإنما يختلف العالم عن الجاهل في المأثم، وليس في الصحة، فالحديث يخبر بأن الكلام (لا يصلح في الصلاة) فلو صحت الصلاة مع الكلام، لكان قد صح الكلام فيها من