للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قال النووي: «وإن فعل ذلك -يعني: من الكلام في الصلاة- وهو جاهل بالتحريم، ولم يُطِلْ لم تبطل صلاته» (١).

قال القاضي أبو يعلى في الجامع: «لا أعرف عن أحمد نصًّا في ذلك، ويحتمل ألا تبطل صلاته؛ لأن الكلام كان مباحًا في الصلاة، بدليل حديث ابن مسعود وزيد بن أرقم، ولا يثبت حكم النسخ في حق من لم يعلمه .... » (٢).

وقيل: لا تبطل، ولو كان كثيرًا، وهو قول أبي إسحاق المروزي من الشافعية (٣).

• سبب الخلاف:

هذه المسألة فرد من مسائل كثيرة تنازع الفقهاء فيها، ويرجع الخلف؛ لاختلافهم في اعتبار الجهل عذرًا تسقط به الأحكام:

فمنهم من يعتبر الجهل عذرًا مطلقًا، وهو أحد القولين عن المالكية، ورواية عن أحمد، وبه يأخذ ابن تيمية:

وقد نقل ابن مفلح في الفروع عن شيخه ابن تيمية: «أن الشرائع لا تلزم إلا بعد العلم، وأن كل من ترك واجبًا قبل بلوغ الشرع، لم يكلف الإعادة، ومثل له بمن ترك التيمم لعدم الماء؛ لظنه عدم الصحة به، أو أكل حتى يتبين له العقال الأبيض من العقال الأسود؛ لظنه ذلك، أو لم تصل مستحاضة ونحوه، قال: والأصح لا قضاء، ولا إثم؛ للعفو عن الخطأ والنسيان، ومعناه: ولم يقصر، وإلا أثم، وكذا لو عامل بربا، أو أنكح فاسدًا، ثم تبين له التحريم ونحوه» (٤).

ومنهم من لا يرى الجهل والنسيان عذرًا مطلقًا.


(١) المجموع (٤/ ٧٧).
وقال النووي أيضًا في المجموع (٤/ ٨٠) «فمن سبق لسانه إلى الكلام بغير قصد … أو تكلم ناسيًا كونه في الصلاة، أو جاهلًا تحريم الكلام فيها -فإن كان ذلك يسيرًا- لم تبطل صلاته بلا خلاف عندنا».
(٢) المغني لابن قدامة (٢/ ٣٥).
(٣) المجموع (٤/ ٨٠).
(٤) انظر: الفروع (١/ ٤٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>