الجواب الرابع عن كلام بعض المصلين عمدًا في صلب الصلاة:
حمل بعضهم ذلك على أن الجواب كان من الناس واجبًا بعد أن وجه النبي ﷺ لهم السؤال، وإذا وجب الكلام عليهم لم تبطل به الصلاة، وليس السؤال من النبي ﷺ كالسؤال من غيره.
(ح-٢٤١١) وقد روى أحمد من طريق عبد الرحمن بن إبراهيم، قال: حدثنا العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه،
عن أبي هريرة، قال: خرج رسول الله ﷺ على أُبَيِّ بن كعب وهو يصلي، فقال: يَا أُبَيُّ، فالتفت فلم يجبه، ثم صلى أُبَيٌّ، فخفف، ثم انصرف إلى رسول الله ﷺ، فقال: السلام عليك أَيْ رسول الله، قال: وعليك، قال: ما منعك أَيْ أُبَيُّ إذ دعوتك أن تجيبني؟ قال: أي رسول الله، كنت في الصلاة، قال: أفلست تجد فيما أوحى الله إلي أن ﴿اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ﴾ [الأنفال: ٢٤]، قال: قال: بلى، أي رسول الله، لا أعود … وذكر الحديث (١).
• دليل من قال: الكلام للمصلحة لإنقاذ معصوم لا يبطل الصلاة:
هذا القول قاسه على الكلام لمصلحة الصلاة، فرأى أن المصلحة هي التي أباحت الكلام في الصلاة، وقصر المصلحة على مصلحة الصلاة قيد غير معتبر، بل وقع اتفاقًا، فكل ما كان الكلام فيه واجبًا على المصلي لم يفسد صلاته، كما لو كان لإنقاذ معصوم ونحوه.
• ويناقش:
بأن الكلام جاءت النصوص قاطعة بتحريمه، وجاء حديث أبي هريرة في قصة ذي اليدين باستثناء الكلام إذا كان لإصلاح الصلاة، وتعذر إصلاحها بالتسبيح، فيبقى ما عداه على التحريم، ولو اعتبر مطلق المصلحة، لاعتبر ذلك في رد السلام، وهو كان واجبًا لولا مانع الصلاة، فلما كان المصلي لا يرد السلام على من سلم عليه دل على أن المستثنى هو ما كان لإصلاح الصلاة، فمن اضطر إلى الكلام لإنقاذ معصوم، وجب عليه الكلام، واستأنف الصلاة، والله أعلم.
(١) سبق تخريجه، انظر: الجزء الثامن (ص: ٣٨)، وقد اختلف فيه على العلاء بن عبد الرحمن، والله أعلم.