للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وتقام الصلاة، فلا يأتيها حتى يفرغ، وإنه ليسمع قراءة الإمام (١).

فدل على أن الإقامة تسمع من خارج المسجد، وأمر الناس بالسعي إلى الصلاة حين سماعها، فكانت الإقامة تعني الجماعة كما يعنيهم الأذان.

* دليل من قال: إن رجا جماعة أذن، وإلا فلا.

تعليل هذا القول كتعليل القول السابق، وهو أن الأصل في الأذان الإعلام والدعوة إلى الصلاة، وهو في حق المنفرد منتف، لكن إن كان يرجو حضور أحد إلى الصلاة استحب له أن يؤذن للصلاة؛ ليجيبه من يسمعه، وإن لم يَرْجُ أحدًا لم يؤذن، وهذا التعليل ينطبق حتى على الجماعة، بحيث إذا كانت الجماعة مجتمعة في مكان واحد، ولا تطلب غيرها إلى الصلاة لم تؤذن، وإذا كانت الجماعة قد انتشرت وتفرقت في المكان، أو كانت ترجو إجابة غيرها استحب لهم الأذان؛ ليجيب من يسمع الدعوة، والله أعلم.

* الراجح:

أنه يستحب الأذان والإقامة للمنفرد، وكون الأذان شرع لدعوة الجماعة للصلاة هذا في أصل مشروعيته، ولا يمنع أن يكون الحكم أعم من سببه، فيغلب على الأذان جانب الذكر، ويصبح ملحقًا بأقوال الصلاة، فيستحب مطلقًا للصلاة المفروضة، سواء أعقدها جماعة أم منفردًا، كما في بعض العبادات التي شرعت على سبب، ثم غلب عليها جانب التعبد فطلبت مطلقًا، كالرمل في الطواف شرع لإغاظة الكفار، واستمر التشريع بعد ذلك، وغسل الجمعة شرع من أجل الروائح التي كانت تنبعث من المصلين حين كان الصحابة عمال أنفسهم، ثم طلب منهم الغسل على وجه الدوام، ولو لم يكن هناك روائح.


(١) رواه البخاري (٦٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>